الخميس، 11 أغسطس 2011

القرار




لم يترك له سؤال الفجأة بُداً للرد من إجابة . في حيرة الموقف حُرّاً بلا قيدٍ كان هو المنطلق . كم يحتاج الوقت في كثيره لعزيمة الإقرار ؟ . فالرأي منه الان هو مفِصل المفرق .
له الرد بما طَنّ في صدره الان وبالموجود يبوح ، وله النظر المتروِّي حتي لا يأخذه التسرّع في إندفاعٍ ليس في محله الصريح . كم كان السؤال في ليلته يُنهِضُه بوجهٍ شاحب . يتمتم والعرق يتصبب من جبهته دون توقف كالنزف البارد . هائما في صحف الحيرة والثغر ما زال بتردد الكلام فيه يتمتم . هو لا يحب الكذب ولا هي ...

الدقائق في الوقت الجاري الان به تطوي . الساعة في معصمه الأيسر بالحراك المستمر تتدلي . بين الحين والاخر يرمقُها والقرار فيه لم ينضج بعد .
- اتحبُّني يا سالم ؟ ...قالت له في تلك الليلة .
نظرها وكأن عمره معها علي خلفية الأيام كشريطٍ يُعرض . هامت به الدنيا وصمته لاح في وقته فكأنه الضيف المتعب . كيف يدرك السؤال في رده دون كذبٍ خدّاعٍ مواري ؟ هل هو بالحقّ الصحيح يحبها؟ ام إنه في أزقة التجمل بالفراغ الخدّاع هو لها يتصنّع ؟

كالحائر تركته وهو في الحال كذلك . لم تدعه الا بعدما خيّم عليه الصمت المُشتِت . في ممر الغرفة بخطواته مشي وإذا به وقد اسرع . بلا هدفٍ مضي نحو اللا شئ الضاني وكان يفكر . هي تنتظر منه الردّ علي جمر الصبر ، وهو في حيرة الموقف ينظم القرار علي صبرٍ وجمر . فالحال بينهما قد حَسِبَتْهُ اختلف بعد سنتين من الزواج .

وبينما هو كذلك ، وإذا بصوتٍ لاح في مسمعه يردد فيقول : "سؤال الهئية لا يجاب بالشكلية المبتورة ، ولا يطمس في نفوق السكوت الباهت ، فليس في دوامه علامات الرضا ، ولا حتي ايمائات الرفض المقفّع ، ففي الفعل المحسوس يكون فيه كل الرد ."


القرار نصب قلبه الأن وقد بزغ. تناول من دُرجه قلما وهو علي المكتب لا زال بجالس . سطّر الورقة وبدي في الصفحة بقلمه يخُط ، انهي الكتابة والورقة علي سطح المكتب لا تزال بموجودة .
في سريره تلحف في صباح ذاك اليوم ، أمسكت هند الورقة بعد ليلةٍ من الأرق الطويل . قرأتها بتمعنٍ ثم تبسّمت..

" بلا تغيير محسوسٍ يطرأ . في ضحي الاصيل من كل يومٍ كيفما كان ، لك اقول : نعم احبك يا أم العيال .. التوقيع : زوجك سالم "


إنتهي ..
محمود الراعي

الخميس، 28 يوليو 2011

الرجوع ..

حلمٌ أري في خلجاته طين الارض اللدن والاقدام تغوصه حتي الاعقاب حافيةً دون أحذيةٍ غبية ، يتماسك الطين حول الاصابع حتي يشيخ الوقت فيه ويجف ، تتناوله كلتا يداي بالفرك المتتابع دون الجريان الساري للماء ، للارض يسقط كبقايا الرمل وفي ثناياها أراه وإذا به يتناثر .
صوت : فكما كنت منها فإليها الرجوع ..
حال .. واستيقطت مفزوعا من ارباع ذاك الحلم ..

التل في انحداره الحاد لنزولي قد هام بي الاسراع .الحقول في يناعها الأن بالجمال قد أخضرّت . لضمّة الأزهار في الحقل القريب جلست متكأً كالطفل الولهان بِلُعبه ، في عطرها الأخاذ قد صرت ارُوغ فيها بفكري وأدندن ، قلت متغنياً في صوتي الآخّذ للخبوِّ : " ليت همي يا ربيعي .. كالخوالي لعبتي .." وإذاني في سبات النوم أستغرق من جديد ...

.... علي الارض بجسدي تحت شجرة العنّاب كنت حينها المنطرح . عيناي تفتحتا لتلك الريحٍ التي في مرورها بي وقد شدّت . نهضت من سباتيَ في هبوبها كالمستيقظ المتأفف. الرمل يتناثر فوق الصدر بي وكذا الرأس . عيناي اضحتا كحمرة الدم في لونه الثاغر . للماء الذي يبعد قدر الباعين عني قد انشدتُ لوجهي الغسل وكذا الامر لريقي السُّقا . تذكرت الطين في منامي وأنا ساهم في النظر لقِرْبَة الماء ، تذكرت الكلماتَ التي كانت تدق السمع فتقول .. " فكما كنت هو منها فإليها الرجوع".

ارجعت قِرْبَة الماء إلي مكانها حيث كانت ، شربت من بطنها ما كان لي يفي بردِّ العطش ، اسْكبتُ قليلها علي وجهي لكي أزيح التراب المنتشر ، جلستُ حيث كنت في مكاني متعودا لأنام . قد غلبني النعاس في جديده وصال بي الحلم في تكراره المتشابه والنوم فيّ قد جال ...

.... وكأني في ارضٍ كنتُ انشوها بِسِحَنِ الخيال ، الجبال في تناطح الغيوم لها منظرٌ يأسر، السفوح تتعاكس عند رؤياها في ضوء الشمس وكأنها اللؤلؤ الفاخر ، مشيت الخطوات للأمام نحو البيت الذي رأيتُه بالنظر قريب ، نظرت قدماي فإذاهما قد غاصتا في وحول الطين دون زوج الحذاء ، طرقت باب البيت عند وصولي بالطرق الخفيف ، من داخله ردت عليّ بنتٌ بقولها : ابي ليس هاهنا موجود ، فعد عند الغروب فحينها من شغله يكون هو قد رجع ..
قلت لها : فله التحية والسلام .. ولكني انشد الماء في قليله .. الطرق قد اصابتني من بِطينها ، والعطش كذا الامر قد لاح بي كل مأخذ ..
قالت لي : إذن فإنتظر
القِرْبَة نفسها من شِقِّ الباب المفتوح لي قد ُمُدّت ، امسكت القربة وعلي جذعٍ قريب جلست للشرب وغسل قدماي . نظرتهما وإذا بالطين فجأةً يتكرمش حول الاصابع ويجف ، مددت يداي لكشط الطين ، كحبات الرمل اراه وهو نحو الأرض يهوي ويتناثر . قال صوتٌ كنت اتواخاه من بعيدٍ فصدح بسمعي حيث قال :

الشمس في شفق الغروب للمغيب قد أذّنت . الطير للأعشاش في رَواحها بالحواصل وأمتلأت ، قد سئِمتَ السؤال في سؤالك الضاني ، وإني الان محدثك حديثا مقتضبا فلي وأستمع ..
تتبدّا البدايات كل يومٍ الي حَتفِها ، وتتمطي النهايات في بدئِها الي السكون والإندثار ، فإن كان فيها التكرار فغداً هو شبيه الأمس ، ولا بد للغد القادم كسابقه في الحال وأن يندثر ، الحياة في صورها المتكررة هي تلك ، فكما كنت انت من تلك الأرض فلست الا ولها سترجع ، وعليه قس المطلوب من ساعاتك ، وما انت في حياتك ستفعل .. واتعظ ..


انتهي ..
محمود
6/3/2011

الجمعة، 24 يونيو 2011

في المساء وبعد الحلول ..




بداية ..
في مقهي المساء دائما .. عندما أكون ونفسي وحيد .. قد يحثني شيطان الكتابة كي اكتب ، أرتشف الحروف من فناجين الذكري .. في عمر سيجارةٍ أتابع فيه الرشف المتتالي .. أنظر سماء عيناي علي مرآة الصحف التي امامي.. ملبدةٌ كغيوم الشتاء أراها .. أتوقف وصمت السكون دون الرشف يشحذني .. اظل علي الكرسي متسمرا ، وطاولة المساء من أمامي فجأةً أراها وهي ترفع .. ارمق الفعل في سببه متعجبا، فإذا نور الكهرباء قد انقطع..

قبل الحلول ..
تنقضي الساعات في مضيّها والظلام في الارجاء متجذّر .. سري الضوء في المصباح الذي هو في المشكاة المكسورة .. بالنور الخافت وإرتسمت شقوق الحائط المقابل في نظري بتمامها .. تواري الضوء واختفي بعد وقت قليل .. همهمتُ بالصوت الهامس متذمرا من رجوع الظلام الدامس .. دققت نظري في ساعتي علي ضوء الشمع الذي تكاسلت حتي في اطفائه ، قلت لنفسي: إذاً فالفجر في حلوله اقترب ..


في الحلول ..
عيون تستيقظ شبعاءُ النوم بطراءٌ ثملة .. وعيون أخري لم تتكحل من الليل الا بحفنة غفوات تتصف بزهدها الخجل .. عيون تجزُر النور المداعب لجفونها في رشحات الشمس بتأففٍ وإزدراء ..
والأخري في تتداخل الفجر القريب للدنا ترومه بسعدٍ ملؤه بِشرٌ وارتضاء ..
صاح طائر الفجر بي قائلاً : " النوم تاج لا يراه الا المُجبرين علي السهر " ..


بعد الحلول..
أستريح في ضحي السابعة علي السرير .. أشرب الشاي بعد وسواسٍ يتصف بالثقيل ..أسكب الكوب في دراق البطن فيّ سكبا .. يُدَقُ باب الغرفة بخفةِ اليد التي قد ألفت منها الدق ، فتح الباب بعد إذن الفتح للطارق مني..
" قد حانت ساعة العمل يا بني .. فقم ".. قالت لي امي ..


بعد بعد الحلول..
يوم طويل .. وانقضي اليوم .. في تنفيذ نقاطٍ كانت في نوتتي الزرقاء بالقلم مخطوطة .. ينقضي يوميَ في رتابة الحياة الا من عجرفة أمرٍ طارئ .. قال الامر الطارئ: قد إستعذت من شياطينِ الكتابةِ قد ان ادخل ..
قلت له : ومالي ولك ؟
- لن تجلس في مقهاك اليوم
- ولماذا يا فصيح الصوت
- لان الشيطان بإستيعاذي آبي الا وأن يغادر
- فليغاد إذن .. وما هو دخلي ؟
- لن تشرب القهوة بدونه
- بل سأشرب
- وماذا حينها الشرب يكون ودونه الساقي
- سأشرب الذرفات
ضحك الأمر الطارئ وقال : ذرفات ماذا؟ .. ومن من ؟!
- من بكاء الليل في ظلماته .. افلم تراه حينا وهو يبكي ؟!!!
- لا .. وكيف فيه البكاء ؟
- إذاً .. فجالسني لأريك كيف هو ..
- وإذا لم يبكي الليل يا فتي ؟
- حينها تكفَّ عن مضايقةِ شيطاني ..

و لم يبكي الليل ..
انتهي..





26/2/2011
محمود الراعي




احداث ..

تملكتني الرغبة في مسك القلم كي اكتب ، امسلكته ورُمت أسيّره بمقود اليد علي الورق الذي امامي ، دوائر صرت ارسم في خارجها خطوطٌ وهمية ، نظرتُها فإذاها تُشبه تجمع فيض إناسٍ كالوجوه الغاضبة ، تذكرت الاحداث في بلاد التونس وبلاد الكنانة مصر العروبة ، فأحببت أن اشاركهم ولو بالحرف البسيط ..

تمّت اباريق الدنا بالعز سقي العطاشا
فما وعي الرئيس والوقت بات له يقطعوا

تناقل الشعب أخبارا في الجزيرة مفادها
تونسيٌّ بحبه لاحت الحرية فيه تصدحوا

فتقادم الوائل بجأشه والصحب له تجمعا
كشرارةٍ بدت والثورة اضحت بهم المفرقوا

فتكوّن الحنين لديه ان قوموا يا بني الدنا
فمصر وكل الأمصار بالترقب لكم تنظروا

يا اينرة* الدهور في الزمان الزهيد فهللي
فالشعب في ام الدنا بات بالعز يصدحوا


قال الخبيـــث* حيث قال الغائـــــــــــــط حينها
فرغ الكلام من حكيكم والحكيُ لن ينفعوا

كزوبعةِ فنجانٍ انتم ولستم بعد ذلك وكيفا
تُداسون كالصرصار والويل لكم قادموا



والبقاء نحن علي قلوبكم كأسنّة المنايا
فمهما تلوكوا الحِراك فنظامنا لن يرحلوا

فلا بلاد التونس نحن و لسنا كمثلها
ولا أي بلادٍ بالرأي السخيف لكم تنزلوا

قال الخبيث والوجه يعلوه خوف مترددٍ
فحذارِ من بطشنا الاليم إنه لا يرفعوا

فتأهب الناس للنزال وقالوا وكيفما
دون الكرامة فالحياة إذن لا تنفعوا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اينرة : جمع يناير
الخبيث : احمد ابو الغيط

انتهي
24/2/2011
محمود الراعي





متفرقات الشهر ..

(1)
طرق مذنبة
إلى حب لا نهائي نسير
نمتطي سرجه الجميل
لا سيطرة فيه تسيرنا ولا حتي جاذبية تردعنا
Are you with me
19/2/2010

(2)
في الظلام وفي الاوقات الصاخبة
والذي يحملني بظلمته ويخفيني فيه وفيه اسير
لكأني كنت أنتظرك
19/2/2010

(3)
وددت التعليق علي عبارة كانت من احد الأصدقاء في الفيس بوك حيث كانت عبارته كالأتي:

نحن لانثق بمن يخون ولو لمرة واحدة واحيانا نخون ليس لاننا بخائنون
لكن لان البعض لا يستحق الوفاء ابدا...


وكان ردي الاتي :
اول شئ ما بعرف من اي باب بطلعلي اني اعلق علي الكلمات دونما ان استأذن ، ولكني هنا وددت المداخلة البسيطة فتقبليها اختي ..
أختي الفاضلة : ذكرت في المقولة السابقة انه احنا أحيانا ما بنثق بمن يخون مرة واحدة ..اهاا تمام وكلام زين ..
طيب وذكرتي انه احنا ممكن انّا نخون البعض لانهم ما بستحقوا منا الوفاء ..
فلو إفترضنا انه اللي خاننا قبل هيك وكان في باله نفس المقولة اللي ذكرتيها ، يبقي حنقول خلاص استبينا .. هو هيك؟
بدي قلك شغلة بسسيطة وقالوها القدماء ..
قالوا: عش الف عامٍ للوفاء وقلما .. ساد امرء الا بحفظ وفائه
وقالوا :وجربنا وجرب اولونا .. فلا شئ اعز من الوفاء
وقالوا :لا تركنن الي من لا وفاء له .. الذئب من طبعه ان يقتدر يثب
18/2/2011

(4)
إهداء ..
البارحة .. تعثر الحرف ، والقلم في الكتابة قد احجم ..
اليوم .. اقسمت على القلم وأن يمتطي صهوته ، وعلى الحرف في بيانه وأن يظهر ..
اللحظة .. تأججت المشاعر ، طافت بي الذكري
لك .. لك يا صديقي اهدي هذا العمل
محمود زهير ديب الراعي

(5)
في يوم ميلاد صديقي نضال ..
لن اقول بالمائة والعشرين ، ولا بالاف والستين ولا حتي بعدد قطرات تلك البحور في خضم السنين ..
ولكني اقول : دمت الخير للغير بئرا ..
ودامت سنين الغير بك كالنبراس ..
كل عام وانت بخير يا صديقي

علي الهامش // لا يخونك ظن من اني أرقب ذاك التاريخ في خلجات صدري ولكنك تسرعت في الاعلان .. لعله خير
سأفي الصوت ان هو لاح وامتطي الضوء اذا الليل استراح
4/2/2011







الريالبولتيك !!

مصطلحات جاهزة ، ومسميات علي قدر الحاجة تولد ، واخري لا تلبث الا ونراها في طور التكوين .. تخرج فتلبس ثياب الحدث بكل المدلولات ، حينها نوقن بأن الافعال هي من تترك الصفة علي الاسماء وليس العكس بالصحيح ..
الريالبولتيك !! .. كلمة قرأتها في كتاب ، توقفت عندها ، بحثت فوجدت بأنها السياسة المبنية علي عوامل المصلحة الذاتية ، ادرت الكتاب علي وجهي ، قلت وقد قالت السكنات في عيناي : هلّا بعفوة؟ .. وإذاني اسرح في نوم طويل...
مضي الوقت بي في رتابة العادة .. نسيت الكلمة حنيما استيقظت واقدمت علي فعلٍ معهود .. اديت العصر ومكثت القليل في المسجد .. ذهبت للبيت سيرا علي الأقدم .. امسكت الحذاء وناديتُ ان هلمّ بي يا عنان الريح للبحر ذهبت لكي اعدو .. عَدَوْتُ علي الشاطي .. تذكرت حينها الريالبولتيك .. شهقت نفسا مَلَأتُ به صدري وقلت : الريالبولتيك ثم سكنت ..
جلست واقفا وكأني علي علي كرسي او بساط . نهضت فجأة اللحظة وتابعت في خطاي المسير .وإذا بطفل يعلب بكرته ناداني ، أن اقذف لي بالكرة يا هذا، فأنت منها قريب وأنا فيها البعيد . قذفتُها له وتابعتُ المسير. صعدتُ درج الاسفلت ببطئٍ ورحت أَعْدُوَ في الجري من جديد ، وصلت البيت ، واسترحت قليلا ثم اخذت حماما و علي السرير رقدت .. عادت الكلمة في جذبها الفكر وفيه تسيطر ،،،
قلت وانا علي السرير مستلقٍ محدثا نفسي : ما الاسقاط الذي بدي لمن اوجد الكلمة كي يلفظها بهذا اللفظ المركب ؟.. واي المواقف تلك التي رامته حتي يكون المعني كيفما هو ؟!
في همّة البحث المنهك . في فراغ الوقت . أشرعت نفسي أبحث عن الكلمة واتباحث فيها فوجدتها بالمعني
( بساسية الامر الواقع ) .. قلت لنفسي: لا بد من قصةٍ للريالبولتيك البسيط تحاكي..

" حدثوا يوماً عن صغيرِ الظبي ، كيف العشب الاخضر له كان الغذاء ، جفّتِ الارض من زرعها الا في براري الاسود ، تأبط الظبي جاعد أسدٍ ميت وكان له حينها الملبس ، في مشاع الارض أضحي الظبي يرنو بصوته الرقيق ويزئر : أريدُ العشب أين العشب؟ . تنبهتْ له بقية الاسود .. رأوا في رأسه قروناً متطاولة تزداد كل يومٍ هي في الطول ، سألوه : ما تلك القرون يا هذا ؟
قال الظبي المتخفي لهم حينها: حلّة .. ولها بالفعل الكثير
- وما هي فائدتها ؟
- تفغر بطون الفرائس بجانب المخلب والناب
- وكيف لنا بمثلها ؟
- بأن تأكلوا العشب الاخضر
- وهل الوصفة مضمونة
- بكل تأكيد ..
22/2/2011

فيلق


لن تغير البوبصلة الا نحو قُطبها ، في ابحر الحياة من تلك الارض ..
ولن ترفع الأشرُع الا في إكتمال مثيبها ، بخيط النسيم الذي فيه الدّرْزُ بِإبَرٍ لا تُسترد ..
ستُرفع الاشرع حينما يحين لها وقت الرفع ، وفي براري الاقدار سيتركُ المركب في خضم الحياة لكي يسير..
فيالق الروح في الفتي قد ابحرت .. وأوغلت .. في خلجات الحنين من تلك البحور.. الابحار فيها يجري بتوجيهٍ من تلك البوصلة ، الشارةُ منها له كخُطي المتثبّت . وعيناه علي الاشرعة تنظرها حتي تكتمل .
الميمنة تطغي بعدد السفن في فيْلَقه عن الميسرة ، البوصلة تمكنت بينهما من حوز مكان الوسط .. وفي قربها للمسيرة هي فيها الاقرب .
قالت المسيرة : الليلة عاصفةٌ هوجاء ، تلوح في الافق القريب ..ِ
قالت الميمنة : وكأنها سفن جيشٍ ، تزْمِجرُ في بحر الوجود فتمخره في الكون قفزا ..
قالت المؤخرة : نِتاج الاقدار سأرمُق ..
قالت المقدمة : وإنا هاهنا مستعدون ..
قال الربان : والفعل بالكل وقد كان .. يا بني الفيلق فإستعدوا ..

معامع العواصف قد إقتربت ، بقدوم ذاك الجيش . عاصفةٌ تقترب . فهل قبل البدء نزال ؟! ..
قال صوتٌ من تلك العاصفة للربان : لسنا سوي بِطَلبِنا منك الا بأشياءٍ ثلاث .. ان تترك البوصلة .. أن تترك البوصلة .. أن تترك البوصلة .. وأن تعيرها الترك في خضم الحياة .. فلست انت بها تنفع ، او هي بنفعها لك تلوح ..
قال الربان : وكيف اتابع ودونها المسير
الصوت : لك في النجوم هدي الدليل
قال : وهل يحيي الجسد دون المحرك ؟!
الصوت : بالامكان كذلك
قال : عليّ تمزح
الصوت : بقلبٍ مصطنع ..
قال : لن ينفع بي ذلك يا صوت - إذاً - فلتُدَر رحاب المعارك يا جيش .. فإما حياةٌ وإما حياة ..

فزعِا نهض الفتي ، وبقايا أحلام اليقظة ما زالت تتشبث بجفون عينيه .. في فراغ الاطراق استعاد تَذَكُراً ما قد رآه ، قد رام له المعزي حينها وبان .. امسك القلم وبدي في الحرف يِخُط ، قال حينها:
" كيف أتركُ مِنْ قصتي مَنْ كان فيها حبرَ العقدة ونسجُها ، ومن به تمام الاركان وسيطها ، ومن فيه طقوس التتابع لحرفي البسيط كي يُتبع ... فلست المسكين ولا المسكين يخدعني .. قد إرتضيت بالحال ، وفي رضا القرار إنغمست .. "
انتهت..
16/2/2011
محمود

الثغاء القاتم

الثغاء القاتم

الفاصلة ..
للترقّب خريرٌ ، والثغاء يشبهه
كالسيل هو في أقنّة النطرِ وهلة الحدث
ستندلح الفاصلة علي شغوف الخوف
ولن تأتي اللحظات دونما المكتوب
لنا حينها الصبر يا حرف ..

المقصلة ..
لا خيوط الشعراء ولا فلول النثر
ولا أزيز الحروف او غاسقٌ وقب
الأعناق إرتفعت وإشرأبت الافواه
من ذاك اللسان في سكين الحد

صديقة ..
تمايلت البسمة .. علي خد الطفلة
دون اليمين هو خد الشمال
تعاقب الناظر لها بتفحصٍ
ما بل الخد من تلك الطفلة ؟
قالوا : الرصاص الطائش
لا يعرف طفلا او هرما فاحش
لن تضحك الا بخد واحد
من هو الفاعل يا بني العبيد ؟
اي الرصاص شد من خد الطفلة ؟
قالوا : نيران صديقة

12/2/2011
محمود الراعي

السد ..

ركب السيارة أنفا ، في الطريق بِجَرْيِها والعجلاتُ فيه انعتقت ، نظر .. وعلي يمينه انتشارُ محالٍ للعطورِ تبيع ، كمثلها ناحية الشمال محالٌ في تشابُهِهَا علي مرآةَ الوجود وتوائمت(1) الشروع ، اكملتِ السيارة به الدّورة في المسير ، أميالٌ حتي إستلقمتِ الطرقُ السيارةَ بِسدّ ٍ يَمْتَشِقُ في شهقانِه شبح الرجوع لها الموجع.

عادت السيارة به نحو الواراء قليلا .. من طَرْفٍ خفيٍّ ، قد رأي الراكب المحالَّ المفتوحةَ ولها نظر ، توقفت السيارة وسط الطريق به فجأةً ، فإذا الاركان بالراكبِ إنْتَغَصَت ، اطرق رأسه للأرض يهوي، وإنسلت يداه تَرْتَفِع لتمسك به ، واضحي كمن هو في الحال مفكّر.. ، قال حينها :
" لا اعرف أي الأسباب وضوحا للسيارة حيث كان يفي لها وأن تلوك وسط الطريق فاجعة التوقف ، ولا ادري أي السدود تلك التي كانت المفرق حتي يلج الرجوع فيها بذاك النكوص المتهتَّك ، فهل فرغت الخزّانات من وقودها ، أم إن الزمان قد ألمّ بالسيارة ما قد يخفيه لها القدر.. " .

من علي احدي النوافذ المطلّة في مجلسه ، ازاح الفاصل القاتم بينه والخارج ، شريط المحلّات المرتصّ المتلاصق في ناظريه الأن بالنظر يُشاهد ، للمحلّ الصغير قد إنبثقت منه نظرة المتأمل المتفحص، فتح الباب، نزل ادراجه . مشي في الطريق . شدّ من مشيته قليلا . وإستعجلته رائحة عطرٍ بخطاه كي يسرع .. قال حينها مخاطبا نفسه : ما اسم ذاك العطر يا تري ؟!.

الرأس للأمام ممدود ، والانف مفتوح الشرفات ، والسيل في ارجائه بالماء يجري .. ورغم كل ذاك فقد اصبح الانف الأن هو دليل الموقف . دخل أحمدٍ المحل ...

بعيونٍ مغمضة ، وخشمٌ ممشوقُ المد ، به الخطوات قد أسرعت ، نحو مصدر العطر ذاك ، تناول القارورة من الرّف القريب ، امسكها ، قلّبها ، ازل الغطاء عنها ، قد حِسبها بالعطر طافحةً ، وإذاها بالفراغ تمتلأ .
" أين العطر من القارورة يا عم ؟ " سأل أحمد البائع ...
- رد عليه : هي بالفراغ كذلك
- وإلام يشير الفراغ ؟
- عندما تصوغ ادراج الرجوع تجدُك شاراتُ الخبر

مضي في طريقه ، بعد ان اعطي البائع الثمن .. في بضّعِ الكلمات ، حيّاه مبتسما ثم مضي .. أمسك القارورة بكلتا يديه ، بقوةٍ ، كمن يستجوب مُتّهَمَاً كي يقرّ بفعلِه ، ولكن القارورة في عصرِها لم يتأت لها بالحديث وان بوح .
مشي الخطوات ، في سعيه الحثيث ، لِيُنْشِد الخبر .. في قطع الطريق ، رفع الرأس من جديد ، ناحية المحل المقابل في الطرف الآخر .. اقترب منه ، وإذا به قد تنبّه للرائحة نفسها ، فالرائحة به إخترقت الشمّ في نيعها الجاذب.

علي درجات الباب ، بعد قطع الطريق تري الاحمد وقد صعد.. دخل المحل وكم به التمنّي أن لو يجد العطر في القارورة يمتلأ .. تناولها ، وإذا هي بالعطر كذلك .

قال للبائع : ما اسم ذاك العطر يا عم ؟
- لك الحرية فيه
- ولكني بالإسم اسأل
- ولكني بالحقيقة لك اُذِيع
- عن أي حقيقةٍ تتحدث ؟
- هي لك فإكتشفها

قال الاحمد : " حيقيقةٌ وكذا الحقائق ما اضرها بي في البحث ، أفلا تنْضبُ الحقائق في وجودها ، أم ان البلاهة ما زالت تتجذرُ روحيَ التي هي في غربال الضجر وقد سأِمَتْ."

اخذ القارورة يحملها بين يديه . رجع ادراجه . في الطريق مشي من جديد . نظر المحال ونظرها . نظر القارورة الاولي ، وكذا بالاخري وقد زِيدت بالفتح . رش بعض ما فيها علي سفوح ثيابه . ضحك قليلا من فعله القادم ، سأل بصمته متيقنا الرد : ما بالك يا عطر ؟
- رد عليه العطر قائلا : يا هذا .. وماذا طلبت؟
- لن تكون المصباح في علائه ، ولا حتي الخاتم في حكَّه ، ولكني اسألُكَ السِرَّ لي وان تبوح .
- انا لست خِبْئَاً ولا سراً يواري ، ولا طعنات حرفٍ او ريشُ الكلام
- !!!! أنت من ؟
- انا من كنت اجري في اذنين الروح ، امرُّ في بُطَيْن النفس ، انكز صمام العقل للشك فيك وانا يقفل .
- ولكنك عطر !
- ولك فيّ الذكري
- في ماذا ؟
- في يقين الحصول
- لست افهمك
- هل رأيت السد فعلاً ؟
- وكأني رأيت
- وهلا تحسستَه
- لا
- وإلام جزمت الخبر
- في النظر
- وهل هو حقاً موجود
- لربما هو كذلك
- إذاً تشك ؟
- لربما
- في القارورة الاولي ماذا وجدت ؟
- الفراغ
- وكيف له إنجذبت؟
- بالرائحة التي احسست فيها شيئا يخُصّني
- إن القارورة التي تحتضنني الان هي القلب ، والعطر الذي انا فيها هو يقين الروح ، السد الذي رأيت في الطريق هو شبح الشك فيك ، ونضوب الوقود في السيارة من توابعه ، قد جُذِبت لي لانك بي هادف ، فاملأني حتي السداه ، ولا تَنْقُصي بشكك ابد الحياة ، وإلا .. ستري السدود في سيرك من جديد .

........................................
توائمت(1) : من التوأم المتشابه

9/2/2011
محمود

جنون اللحظة




في هاجس الأيام رأيت ..
الحلم بداية الجنون
والجنون منبته واحد
شعرةٌ تفصله والذكاء
بسمك حبر علي ورق الإباء
وهو في شرفات الكتب جميل .

صوت : لست جميلا ولا في بيارق الجمال اكون..
قلت : رويدك يا جميل الصوت
- في كلامك وماذا قصدت ؟ ..
- كل جميل
- فقط ؟!
- وأزيد في خطي لك الجبين
- في ماذا ؟
- في الرد ، وليكنْ ردي لك كمن هو فيه القائل :
ومن جهلت نفسه قدرها يري منه غيره ما لا يري
قال الصوت مستغربا : ونفسك قد رأيت مني ما لم اره ، فحدثني ما رأيت ..
قلت له : حلم
- وهل في حقيقه حقيقة ؟
- طبعا
- وهل هو ذا جميل ؟
- بحجم النجوم
- فتحدث اذا
- ولكني لك مني طلبٌ فارجوا الوفاء
- وما هو ؟
- أن تقصم الشعرة




4/2/2010
محمود

الجمعة، 18 مارس 2011

الطين ..


حلمٌ أري في خلجاته طين الارض اللدن والاقدام تغوصه حتي الاعقاب حافيةً دون أحذيةٍ غبية ، يتماسك الطين حول الاصابع حتي يشيخ الوقت فيه ويجف ، تتناوله كلتا يداي بالفرك دون الجريان الساري للماء ، للارض يسقط كبقايا الرمل وفي ثناياها أراه وإذا به يتناثر . " فكما كان هو منها فإليها الرجوع.. " قال صوت الحال قبل أن استيقظ من ذاك الحلم .

التل في انحداره الحاد لنزولي قد هام بي الاسراع .الحقول في يناعها الأن بالجمال أخضرّت . لضمّة الأزهار في الحقل القريب جلست متكأً كالطفل الولهان بِلُعبه ، في حِجر تلك الأزهار صرت ارُوغ فيه بفكري وأدندن ، في رجفات الصوت الأخّاذ للخبوِّ في حدته قلت متغنياً: " ليت همي يا ربيعي .. كالخوالي لعبتي .." وإذاني بسبات النوم أستغرق من جديد .

علي الارض بجسدي تحت شجر العنّاب كنت حينها المنطرح . عيناي تفتحتا لتلك الريحٍ التي في مرورها بي وقد شدّت . من سباتيَ المنزوع صرت في هبوبها المستيقظ المتأفف. الرمل يتناثر فوق الصدر بي وكذا الرأس . العينان اضحتا كحمرة الدم في لونه الثاغر . للماء الذي يبعد قدر الباعين قد انشدتُ الغسل لوجهي ، وكذا رمت بالريق له السُّقا. تذكرت الطين في منامي وأنا في قِرْبَة الماء ساهم ، تذكرت كلمات الحلم الذي كانت فيه سمعي تردد .. " فكما كان هو منها فإليها الرجوع .." . فإلي ماذا تدلل الكلمات يا تري ؟! .. متعجبا قلت لنفسي محدثا لها ..

ارجعت قِرْبَة الماء في مكانها حيث كانت ، شربت من بطنها ما كان لي يفي بردِّ العطش ، اسْكبتُ قليلها علي وجهي لكي أزيح التراب المنتشر ، جلست حيث كنت في مكاني متعودا لأنام . قد غلبني النعاس في جديده وصال بي الحلم في تكراره المتشابه والنوم فيّ قد جال ...

وكأني في ارضٍ كنتُ انشوها بِسِحَنِ الخيال ، الجبال في تناطح الغيوم لها منظرٌ يأسر، السفوح تتعاكس عند رؤياها في ضوء الشمس وكأنها اللؤلؤ الفاخر ، مشيت الخطوات للأمام نحو البيت الذي رأيتُه بالنظر قريب ، نظرت قدماي فإذاهما قد غاصتا في وحول الطين دون زوج الحذاء ، طرقت الباب عند وصولي بالطرق الخفيف من ذاك البيت ، من داخله ردت عليّ بنتٌ بقولها : ابي ليس هاهنا موجود ، فعد عند الغروب فحينها من شغله يكون هو قد رجع ..
قلت لها : فله التحية والسلام .. ولكني انشد الماء في قليله .. فالطريق اصابتني بِطينها ، والعطش كذا الامر قد لاح بي كل مأخذ ..
قالت لي: إذن فإنتظر
لحظاتٌ حتي رأيت القِرْبَة نفسها من شِقِّ الباب المفتوح لي تُمد ، امسكت القربة وعلي جذعٍ قريب جلست للشرب وغسل قدماي . نظرتهما وإذا بالطين فجأةً يتكرمش حول الاصابع ويجف ، مددت يداي لكشط الطين ، كحبات الرمل اراه وهو نحو الأرض يهوي ويتناثر . وإذا بصوتٍ من بعيدٍ قد صدح بسمعي وقال :

الشمس في شفق الغروب للمغيب قد أذّنت . الطير للأعشاش في رَواحها بالحواصل وأمتلأت ، قد سئِمتَ السؤال يا هذا في سؤالك الضاني ، وإني الان محدثك حديثا مقتضبا فلي وأستمع ..
تتبدّا البدايات كل يومٍ الي حَتفِها ، وتتمطي النهايات في بدئِها الي السكون والإندثار ، فإن كان فيها التكرار فغداً هو شبيه الأمس ، ولا بد للغد القادم كسابقه في الحال وأن يندثر ، الحياة في صورها المتكررة هي تلك ، فكما كنت انت من تلك الأرض فلست الا ولها سترجع ، وعليه قس المطلوب من ساعاتك ، وما انت في حياتك ستفعل ..

انتهي ..
محمود
6/3/2011

الأربعاء، 2 مارس 2011

حظر التجوال ..


من علي تخوم الشارع البائس في الليل الشديد بظلمته ، قرب مدخل الحي ، وبعد تدلي الانوار من اسقف المصابيح تلك التي علي السيقان المنصوبة ، عند مجيئ الكهرباء في كل مساء .. تتفتح أبواب البيوت كلها بما فيها بيت البنت هناء ، بالصمت الصاخب حيث كان الشارع قبل الثامنة يطفح بسكونه الا من حفيف هواءٍ بالصوت يَشُب ، أعناق الجيران لاحت الشارع تنظره بعيونٍ ملؤها الحذر ، الكل يرمق الساعة كي يفوز من ذاك المخبز في الشارع الثاني بحفنات الخبز ، تتهامس أصوات الناس المستعدة للخروج عند رفع الحظر المعهود بقولها : "خلف المتاريس ككل المرات هناك يتمرتس الجنود ، ومن يخرج عن طور الثامنة في ذهابه يتلقفه الرصاص في سكونه الصنديد " ..

الضوء في المصابيح المعلقة عند الثامنة بدي بالنور الخافت الان يبعث ، البنت تنظر الطريق المضاء امام بيتها بكل الترقّب ، تتسائل عن فعلها المتشابه عندما تخرج كل يوم لجلب الخبز لاخوتها : "بالحذر! .. لماذا يا نفس نحن فيه نبالغ؟ .." ولا يُجيبها الا تذكُر صورة اخيها عندما أتاه الموت في اختراق الرصاص لرأسه ، سقط بجثته وكان حينها هو الهامد.

تخاطر قلب الام في يومها ناحية البنت بالمجهول الموارب ، اخذت البنت تستعد لمشورٍ غير جلبها الخبز لإخوتها الجياع ، ساعة الإسراع باقدامها بالسير قد دقت .. قالت الام لها وهي تحدثها :
" إذهبي يا بنيّتي دون الوصية فإني لك بالنطر اتحسس" ..

نظرات البنت لأمها من طرفها المداري بالشوق تنظرها بإحتفاء ، بريق العينين فيها افصح عن فعلٍ كانت بالسر علي الدوام تخفيه ، تقاذفتْ للباب تفتحه الآن بالحذر البسيط ، في الريح العاصف ترامت بأقدامها وهي فيه تجري ، الطين المائع في أرض الشارع بدي يحْسُر من مشيتها وهي فيه القصواء ، تمشي البنت خطواتها ثم تتحسس خاصرتها في ذاك الشئ البارز !



من الجنود تقترب وهي تمعن فيهم الاقتراب ، تري اخيها المتوسد بُسُط المقبرة خلف المتراس الاول يلوّح لها باليد ويشير ، تتسارع في خطواتها اسرع فأسرع ، تقترب من الجنود وهم في غيهم السابر ساهمون ، تصايح الجيران الناظرين لها محذرين : من ذاك الشارع طريق المخبز فاحذري يا اخت الشهيد ، تتسارع البنت في وجهتِها وهي فيها تتسارع ، لم يبقي الا بعض الامتار كي تصل جموع الجنود ، تتسارع البنت في عَدْوِها الجاري وهي فيه بالجري الأنجع .. لم يبقي الا انصاف المتر لمُنَاها الآمِرُ التليد ، تتسارع البنت في الارض الزكية وهي فيها بالحضن تتخضب بدمائها وتتأبط ، فالرصاص البغي ما كان ليخطأها ، بعد ان اقتصت من ثُلث الجنود ... والام ما زالت بعودتها تنتظر ...
انتهت ..
22/2/2011
محمود الراعي

الاثنين، 28 فبراير 2011

في المساء وبعد الحلول ..


بداية ..
في مقهي المساء دائما .. عندما أكون ونفسي وحيد .. قد يحثني شيطان الكتابة كي اكتب ، أرتشف الحروف من فناجين الذكري .. في عمر سيجارةٍ أتابع فيه الرشف المتتالي .. أنظر سماء عيناي علي مرآة الصحف التي امامي.. ملبدةٌ كغيوم الشتاء أراها .. أتوقف وصمت السكون دون الرشف يشحذني .. اظل علي الكرسي متسمرا ، وطاولة المساء من أمامي فجأةً أراها وهي ترفع .. ارمق الفعل في سببه متعجبا، فإذا النور في وقوده قد انقطع..


قبل الحلول ..
تتتابعت الساعات في مضيّها والظلام في الارجاء متجذّر .. سري الضوء فجأة الوهلة في المصباح الذي هو في المشكاة المكسورة .. بالنور الخافت وإرتسمت الشقوق في الحائط المقابل في أنظاري بتمامها .. تواري الضوء بإنطفائه بعد بزوغه قليل الوقت .. همهمتُ بالصوت الهامس متذمرا من رجوع الظلام الدامس .. دققت نظري في ساعتي علي ضوء الشمع الذي تكاسلت حتي في اطفائه ، قلت لنفسي: إذاً فالفجر في حلوله اقترب ..


في الحلول ..
عيون تستيقظ وهي شبعاءُ النوم بطراءٌ ثملة .. وعيون أخري لم تتكحل من الليل الا بحفنة غفوات تتصف هي بزهدها بالخجل .. الاولي تجزُر النور المداعب لجفونها في رشحات الشمس بتأففٍ وإزدراء ..
والاخري في تتداخل الفجر القريب للدنا تراها ترومه بسعدٍ ملؤه بِشرٌ وارتضاء ..
صاح طائر الفجر بي قائلاً : " النوم تاج لا يراه الا المُجبرين علي السهر " ..


بعد الحلول..
أستريح في ضحي السابعة علي السرير .. أشرب الشاي بعد وسواسٍ يتصف بالثقيل ..أسكب الكوب في دراق البطن فيّ سكبا .. يُدَقُ باب غرفتي بخفةِ اليد التي قد ألفت منها الدق ، يفتح الباب بعد إذن الفتح للطارق مني..
" قد حانت ساعة العمل يا بني .. فقم ".. قالت لي امي ..


بعد بعد الحلول..
يوم طويل .. وانقضي اليوم .. في تنفيذ نقاطٍ كانت في نوتتي الزرقاء بالقلم مخطوطة .. ينقضي يوميَ في رتابة الحياة الا من عجرفة أمرٍ طارئ .. قال الامر الطارئ: قد إستعذت من شياطينِ الكتابةِ قد ان ادخل ..
قلت له : ومالي ولك ؟
- لن تجلس في مقهاك اليوم
- ولماذا يا فصيح الصوت
- لان الشيطان بإستيعاذي آبي الا وأن يغادر
- فليغاد إذن .. وما هو دخلي ؟
- لن تشرب القهوة بدونه
- بل سأشرب
- وماذا حينها الشرب يكون ودونه الساقي
- سأشرب الذرفات
ضحك الأمر الطارئ وقال : ذرفات ماذا؟ .. ومن من ؟!
- من بكاء الليل في ظلماته .. افلم تراه حينا وهو يبكي ؟!!!
- لا .. وكيف فيه البكاء ؟
- إذاً .. فجالسني لأريك كيف هو ..
- وإذا لم يبكي الليل يا فتي ؟
- حينها تكفَّ عن مضايقةِ شيطاني ..

و لم يبكي الليل ..
..
26/2/2011
محمود الراعي




الاول من شباط ..


في اخر الربع الاول من تلك الساعة ، في اجتماع العقارب فوق بعضها ، عند صياح الديكة ، في أسجية بَدْءِ النور ، قد حمل النوم إزار فلوله واستعد وغادر الوجدان بي ، وفي قصير السفر قد رحل .
علي جفون اللحظات في مُضَّيها ، توقف النوم هنية الوقت ، مشي الخطوات يَعْدُوها الوراء ، برأسه تلفّت للتثائب كي يرافقه ، قد رافقه التثائبُ حينها بكل التسليم ، نظر لي ونظرتُه ، مدّ قدماه للخلف رجوعا ، وفي ثغره أري الكلمات الحرّي فكأنهُ يريد بها لي أن تصل .. نظرتُه وناظرني ، فإذا به قد اوعز للسمع بي حد الانصات في تهذيب القول لديه وما تراني الا أنصت ، قال لي : هل لي بكلمة ؟
قلت له: بالطبع .
قال : في الغد القريب لك مني نصيحةٌ ، ونفسُك تعرفها .. سكت النوم حينها ، وعلي صهوة التثائب تقادم بركُوبِه ، وفي مُضِيَّ الطريق تأبط السير لجاماً لصهوته ثم مضي ..
نصيحة ؟! ... ما هي وما هو مردُّها؟! ... قلت لنفسي متعجبا متسائل .

وإذا بفحولة الاستيقاظ كالعادة تنتابني ، تصاخبتْ دقات العقارب في نخرها جذوع الاسماع بي ، تملّلت برأسي ناحية اليمين علي تلك الوسادة الزقاء ، حرّكتُ يدي ، وضعتها علي الاذنِ التي كانت مكشوفةً لفضاء السمع ، فالساعة لا يفصلها عن مفرق الرأس بي الا إرتفاعُ المتر الواحد.
إستيقظت من دائره الصمت السائد ، خرجت منها ، ادرت مفتاح الكلام في رديَ علي الام حينما نادتني في قولها: ان تحضّر.
علي حافة السرير ، قرب تلك النافذة المطلّة علي ذاك الليل الشارف في انتهائه ، قد جلست .. حرّكتُ جفوني برفقٍ نحو الاعلي ، اسْبلْتُ ارتعاش شفتاي نحو الصمت الهامس في ذاك القلب ، كررتُ في اثره سؤالاً لطالما بقي في حائط المجهول لدي معلّق ، قلت حينها:
لماذا يقصر الليل في طوله وانا ما زلت فيه كالنوق العطشي ، قد أُنِيْخ سَيْرِي قرب البئر الممتلأ بماء النوم الهاني ، ولكني ما إنْ اصله الا و يراني الناظر قد ربتُّ علي مرمي جلوسي وبالكأس الذي هو في يداي أحتسي النوم ثم اسكبه علي تراب السهر لدي ، فسهري قد رأيته كالنبات النابت ، في سيقانه ثمرا يحوي فيه شرابٌ حلو المذاق ، قد أدماني بشربِه فعشِقته دون ارادة بالرُشد تحويني ، والوقت يجري بي مجري العدّاء في تسارعه الطويل .
تنبّهت للساعة ورأيتُها ، فإذا بها فكأنها في جريها كفلول الشارد يجري ورائه اسدُ الوقت المفترس ، تحيّرت بها وما فيها ، رفعت جسدي واسندتُ رأسي علي ذاك الحائط .. قلت : كيف استيقظ وانا في اسفار النوم ما زلت عطشان؟ .. احقا أنا قد نمت ؟ ..
ما تلك الساعة وما هي مكنكة الوقت الذي تحسبها ، اهي حقا بالحسبان كذلك ام انها في جريها والوقت في عمري يمضي بلا استراحة محارب ، ما الوقت وكيف يمضي وما هي اركانه يا نفْسي ؟ .
ادرت مفتاح الذاكرة في رأسي ، رتّبتُ جَمّة اعمالٍ في السير المخطط لها ، رتابة الامور العادية لم تعد بي الان تنفع ، ادرْتُ دائرة البحث في وجداني ، فلعلي اجد قسطا من اسهم الوقت في فعلٍ يمكن ان يعدّه النومُ القادم غريب .
سأبيع قسطا من ذاك الوقت .. نعم سأبيع ...
نزلت سوق البخاسة ، جلست واجسلت قطعا من ذاك الوقت علي بسطةٍ شملاء ، رأيت في وكناته المزويّة من يبيع الاوقات بأباخس الاثمان ، ومن يشريه بِحِفنات نقودٍ صدئة .
في وهلة الامور في تفقّدي ذاك السوق ، وإذا برجلٌ كبير الهرم جائني ، قال لي : بكم حزمة الوقت تلك يا فتي؟
قلت : بألف .
قال : وهل لي ان اشتريه بألفان .
قلت له : زيادة الخير خيرين .
تناولَ الكهل الحزم ومضي في الطريق ثم اختفي في بيارق النظر المعهود ..
جائتني بعد حين النظرات طفلة ، في حداثة سنها تلبس معطفا في وصفه بالاحمر الطويل ، قالت لي : بكم هذا يا عم ؟
قلت لها : وكم تدفعين ؟
قالت : انت صاحبه ولك كلمة الفصل .
قلت : بنصف السعر الذي اشتري به الكبير .
قالت : وبكم اشتراه الكبير ؟
قلت : بألفان .
قالت : ولك مني الثلاث .
تعجبت من فعلها وما ساقته لي من إمارات التروّي في بيعي ، وفي الطريق مضت ثم اختفت .
قد مضي الوقت الساري في جلوسي ، تقاربت شمس النفوس في احتمالها فضاء الجلوس ثم غروبت، وقفت علي مصطبة العدّ ، صرت فيه اعدّ ثمن ربحي ، نظرت البسطة التي امامي ، فهالني النظر اليها وهي مفروغة الحزم من ذاك الذي كان يسميه الناس (بالثمين) .
نظرت البسطة ثم تابعت النظر فيها ، فجأة .. فكأني صرت اقلّب الاكف في حيني متحسّرا ، قلت : ليتني لم ابع ، فلربما ربحي هو الوهم المجزوم وهو كذلك .
رجعت البيت واستلقيت علي سريري فقد حان النوم في ميعاده المكتوب ، قد جاء النوم وهو يمتطي صهوة التثائب حينها من جديد ، قال لي مستفتِحا : ماذا فعلت يا فتي ..

قلت له : قد فاتني قول السيف .
قال لي : وهل فطِنته ؟
قلت جازما : لربما
قال : كيف ؟
قلت : قد قطعني المرة ، وفي الاخري سأقطعه
قال لي : وهل حقا فيك له القطع ؟
قلت : سأقطعه تلو المرات .
قال : وكيف ؟
قلت : لن يخدعني السهر تلو الاخري .
قال النوم لي حينها : قد عرفت النصيحة يا فتي .. ولها فألزم
.. ليتني


انتهت
1/2/2022

الثلاثاء، 22 فبراير 2011

حديقة الباب ..


قد قُدِّر للباب في إشتداد الحاجات علي مصراعيه وأن يفتح ، لسان القفل بكثير الشد فيه قد انحني ، داخله ليس كمن هو بَعْدُ لم يعبُر ، من دخله فهيهات بطول الخروج له وان يصبر ، مناطيد الجلوس تراها في الارجاء منصوبة ، انواع الموائد بلذائذها تتوسط الحلقات المنشورة ، تداركتها القلوب التي هي في سلاسل الايام بَكّآئة ، وتناستها القلوب التي تاهت بتتابع الغيّ الذي هو في النفوس مقدوح .

قد طُرق الباب وإشتدّ في طَرْقِه لَحُوحُ الطرق ، دبيبُ الاصوات في الآذان من بين الرزّات للباب قد سُمعت ، آناتٌ تتلوها نحيب العبرات ، عَبَرَاتٌ تُنْشِيْها حفيف فيضَ تراتيل القولِ المأثور، .." سأطرقُ الباب متأملاً فيه الخير ، فمَنْ دَقَّ الباب فقد ولج ، ولن يسبقني في الموائدِ تلك مرةً اخري فيها احد " .. قال الفتي ذات يوم في سِنّه الفائت ...

قدمٌ في داخلها ، وساقٌ علي بُعدِ بوصاتٍ في ولوج الباب ، خطوات الرائي المتردد لثناياها قد يهُول في جمال المنظر الهِنداب ، علي ترنّمات النعيم توقف الفتي دون حدِّ الهمس الداهشِ فيها ، تتلمذت كلماتُه علي شفاه الصمت ومن بين الثنايا تحِسّ الكلام منه وقد خرج ، قال صمت الحال (1) بلسانه : " فالحديقة في مَثِيْلِها لا وجود لها الا بجمالٍ قد زاد" .

4:51 ص ..
في تلك الليلة المقمرة في وَصْفِها ، في غسق السَحر ، هناك قبل مجِئ الصباح ، قد ازيح ستار النوم في تلك الجفون الذابلة واستقر النوم فيها برهةَ الوقت بالفتي ثم غادر ، مدَّ الفتي يده لِيَقصد النور في مفتاحه ، تناوله برفقِ الضغط ، وبدا النور حينها كَكُحلِ الكَسَل في العيون المغمضة ، كالزهور هُنَّ العيون قد بدت ببطئها حينما تتفتح ، قد شَدّه النظر ليتراءي تلك الساعة التي هي في الحائط القريب ، إنتفض كالنهر المتلاطم في انحداره بكثير الصخر فجأةً ، وبتربع الاقدام ترى الفتي وقد جلس ، نظر.. وإذا بدقائق الوقت في قِلِّها لا تفي له بموائدِ السَّحَر الا بالإكل القليل .
دقائق الفجر في حلولها قد اقتربت ، نظرَ الساعة مرةً تلوها الاخري ، علي أسقُف التذكُّر قد علّق الامل بِبُعد الفجر .. فلعل عيونه حينها كانت بالنظر الخاطئ بالساعة تعول .
قال الحال (2) باللسان متحدثا : " فلربما هي ارهاصات النوم التي تجوب العيون بخداع الوقت كمرآ السراب ، فترانا ننظر رُبع الساعة حينها الا العشر او كمثلها " .. ، ولكن النظر ما غاده الا بحقِيْقِه ، فالفجر في اقترابه قد وان.

تجمع التحّسر علي الشفاه بكظمِها ، والعيون ما وَاْنَتْ آنية الحين الا في إنغلاقٍ آخر ، قطار الوقت في سَبْقِه لم يدع له سوي قِلُّ الدقائق فيها البقاء ، تناول الماء يحتسيه بالوضوء السريع ، تناولتِ الارض السجادةَ التي منه قد إِفتُرِشَت ، دَقَّ الباب في تكبيره السائل وفي سحر الليل اضحي حينها هو الداق ..

قد فتح الباب علي مصراعيه ودخل حينها الفتي ، مكث في سيْره الحثيث حتي وصل الموائد تلك ، جلس وراق له فيها ربيب الجلوس ، تناول من تلك الموائد عديدُ الفاكهة ، تناول تلك المتكورة الحمراء ، قالت الحمراء وهي في بين اضراسه : سئل ..
قال : سألتك ربي وانت تعفو ، وان ترضي وتنجي عبدك الضعيف .
ثم تناول تلك المستطيلة الخضراء ، وهي في ثنايا اسنانه قالت له: سئل ..
قال: ربي اسألك خير الحياة وخير ما فيها ..
ثم تناول البائنة الصفراء ثم فقال : ربي عجّل لي ما كنت آملُكَ وفيك الرجاء ..
ثم تناول شربة ماءٍ باردٍ في حِسّه حينها وقال : ربي هب لي من نسيم الخير فيك ما تقرُّ به عيني ونفسي ..
بعد حين الكلام في إنتهائه ، تري الموائد وقد رفعت ، وانبلج الفجر الصائح حينها بندائه ، وسكت الكلام وذِيع الصمت ...

انتهت ..
31/1/2011
محمود الراعي

الجمعة، 28 يناير 2011

بقايا مدفونة


فقد آن لها بالقول ان تبوح ..
(1)
ما اجمل ان نتذكّر ونتذاكر من أن الحسّ في شموسِه لا يُغطي بغرابيلِ التضاربِ المتكهِّن ...
فالنفوسُ وان أسْلَمَت التسليم في عكوس حقِيقه بتوافقٍ ، فَلْتُطفئ سُرج التواري ، فقد حان لليلُ الخلاص في بيانه الوائل ...
وحقّ للشمس ان تتغني بنجومها .. فصاح القمر فأطرحوني رياض التتر

(2)
أيتها الزفرات التي أنشأتكِ مرارة الأسي .. قد سألتك فإنفري بي شهيق التوقف ..
أيتها الحروف التي ما تأبطت الروح تجملاً إلا بخطك .. قد رمقتك .. فأرقدي في آبارٍ حظوظ الماء فيها قد جفّت ..
يا نهاويداً بثّتها لوعة من أتلفه الصبر المجزوم .. اليك ..
اليكم وبكم معذرةً ..
..
واسفٌ إن انا تماديت ..
.
New
هل يحيف القلم هنا ؟
لربما

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تم الاكمال بتاريخ 29/1/2011
انا محمود ..

سفر ..


سأسافر هنااااااك .. وماذا هناك يا ترائب الشوق وماذا ..
تلألأت النجوم في مهد بريقها و تلألأت ..
تخاطرتُ بنفسي كالطفلِ الحانَّ لأمه في بحذخ الحنين منها ، وبِالبِشر تري نفسي بها ترائت ..
علي بُسُطِ الجمال ، وانطرحتُ الحين بقباسات النظر لتلك النجومِ ، لأنظر أين هو منها قلبي ..
اعُدّها تلو الواحدةَ والاخري ..
فجأة ...
فإذا بشاردة الرؤي في نظري ترامت الضوء المسلط علي مجهولٍ وتراني نظرت ..
قد أزيح الستار عن نجيّمٍ النور فرمقته بالحين متداريا بالروح بها وقد تزين ..
تجسّد كالطفل الصغير وانا كمثله هناااك حينها اضحيت بصغير ..
لمراتع الذكري قد سهمت روحي وتاقت ..
وعلي كتفاي ربت المحبة بخف بنانها وبي قد سكنت ..
هناااااااااااك .. واي هناك يا ترائب الأشواق ..
قد رقمت الحين منه فأدماني بالشوق اليه ..

سأسافر هنااااااك .. وماذا هناك يا ترائب الشوق وماذا ..
كأنا في شفق الغروب صرنا بالغيوم نتهادي ..
وامتطينا في غروبها الساري غسق النجوم ، قرب القمر لنسكن ..
هنااااااك ..
فتجسدت نسماته في قلبي كالريح اَلهَابّ بحبه الجميل ..
أشتدت روحي بالعود منه واليه وشهقت النور فيه التنفس لأتنفس ..
نظرت له بالقلب واهتديت ..
فأهديته قلبي بجانب فكر الكلمات .. فهلا يقبل ؟ ..

محمود ..
13/1/2010م

ميلاد النسيم ..


وكعادتي في كل صباحٍ متشابهٍ ، اخرج فأعتلي بطحاءَ ذاك التلال الوهّاج بجذوة الشمس الموقدة ، انظرُ فأري أُخْيُلُةَ الجمال في وجودها ، وهي تبيح طريقاً فاتناً وكأنَّ روحيَّ الكلمي تتحررُ من حدود ذاك الجسد الضيق.
أري الشمس تتعامد نُصب ناظريّ بتمام الرؤي ، انظر من خلالها ، وانظر الكلمات ، وهي تُبَعْثِرُ حُروفها في خيوط النور ، أنظُمها ، ثم انثرها هناك في اديم الريح المُسرعة في هبوبها للوقت المطلوب ، فلعلها تَتَجَفِّفُ من ماءِ التواري السقيم المريد .

تترامي الكلمات دون اي رقيبٍ وأراها ، هنالك ، وهي ترجع إليّ مرة اخري ، في تراجع الريح ، وأنا ارفثها ، اسكن صامتا بجسدي ، فالروح قد حان لسراحها ان تتحرر ، لتعانق أرواحاً ، فتترنّم الكلمات صوب أديمهم الذي يُري فيه الوِهاج المنشود .
قد جئت الان الريح ، لتُرجع ما ادلفته لها ، فالخطب ما برِح الوقت الا بتمام القرب لما هو في الحدث قريب .. نظرتُ الريح بشمائل روحي ، ظاناّ بها لما اتوق طَلَبَاً فَتَفْهَم، فأومأتُ الريح لي حد الإماءِ بهبوبها المفهوم .
سألتُها بالكلام ، فقالت هو لك ، ومني الاتي فَخُذ ..

لكِ يا نسيم الخير كتبت ..
فوق اقبية الشعور المتدفق بعذوبته ، علي اهازيج القلوب بفرحها ، عند نفثات الروح الأرجوانية السعيدة ، متذهبةٌ قد رأيْتُكِ ، كالشمس تنْظُمين النور للحياة بتوزيعكِ الشاهر ، بالرفق تنْثرين صفائك في القلوب ، تتشبّثُ انغام النقاء في تلابيبك الحرّي بالسمع الناهد ، تجُولِين في انْسُمِ البسمات فتسحرينها بتتابع المرور ببهائك ، وتسحرين فيّ بقايا النظرات .
سائحةً انت في عباب التواضع الكريم ، ففي ارضك لا ينبت الا مساريق الأخلاق .. قد لا ترضين بالوصف القائل لك الا بما قد دنا الحق فيك وقال ، ولكني اقول : لا ، بل انت هكذا عندي ، وهكذا هو انت ، فالغزالة وإن فَنَتْ بقرونها تجازُفا ، فهي في نظر القاموس جَمَال .

قد دني الوقت ، لحلول الذكري ، دقات الساعة تُنْبِؤُ وتدقّ ، احتار في الكلام ، في صدقه المنشرِح ، احتار ، فترُدّني الروح برفق الحب الفريد ، وتقول : تريث الكلام ، فالكلام في حسّه يبان.
تُراودني انصاف الكلمات لتخرج هكذا ، دون داعٍ متيّمٍ ، هكذا ، لا... لن تخرج الكلمات الا في وضوح التمام.
ورقةٌ في يد الفجر ترتعد بشدة ، قد فنِيت اليد بعد حين ، كخيط سيجارة وانطفت ، وظلّت الورقه ، حاضرةٌ معقلة في رفوفه الجميل .. قال لي الفجر: قد كتّبْتها ياهذا ، ووالقيت لي بأثقالها ، فخذ ما انت به عليّ محمِّلٌ ، فأوانها الان بالوقت قد حان .
امسكتنها وقرأت ، آآهٍ قد تذكرت ، مكتوب فيها ... ذكري ميلاد

"من كروم البدر ، من قمر معتبر ، حقا عبيرها غريبُ العبق ، يأكلني التردد .. في أي شئ افديها ، اذا ما جاء العمد ، وردٌ وحلوي ، وانا ، الست انا من يهواها؟ ، بباقةٍ لا اقلد فيها أي فردٍ او فريد ، اليس من يدلني للخطب موجود ؟...
احزم رابطة فكري ، واسرُج النجمة المقيمة في موطني خيلا لها هديةً واقول: من يقتنيك يا نجمة الجمال غيرها ، في يوم ميلادها، ونفسي هدية تحملها ، لعلها اذا انا حملتُها لها بالغد تسعد ..
(( كل عام وانت بخير ، وعمرٌ في فعل الخير اطول ..))
كل التحية ،،،..


ظلال ..


وقفت الطيور في ثلاثيها ، علي الجذع الطافي من ذاك النهر وحطّت ، للراحة والاحاديث في سردها بالساعات فيهم قد عدت ، دائرة السمع لم تزل متوخاةً الا نحو طائرها الكبير ، ولكن الاصغر ما تاق الحين الا بصدد قولٍ هو له بالهام .

" صغيرٌ كنت ولا زلت في وكنات الطير صغير ، أجوب الجو والقول في قلبي يملؤ النهر الغدير ، يا بني الطير اني لكم بالقول جديد ، إن اسلتو السمع لي فحبذا الانصات البائن ، وان سخيتو الاعراض بفصاحه فإني لست لكم حينها بشائن ...
سكت صغير الطير ، وفي عيون من حوله للجواب نظر .
رد عليه كبيرهم متبسما: اذا .. يا منتوف الريش الاحمر فتحدث ..

قال محمر الريش حينها:
من سرد الحقائق ، في ذيعها ، في تندّي الكلام عند اكتمل الخبر ..
في انجذاب الشكوك نحو بيانها ، نحو الشروع في أحاديث لا تنشطر ..

قال كبير الطير : stop ، دون مقدمات..

من عَرُوض الصوت ، لصحبٍ في وجد السماء
من هدهدٍ ما برح القلب الا وانجذب له السمع وأربد ..
في قصة ما تناهت اليناع الا بشغوف فصولها
فالصحب في مقل الشوق والامل فيه بالزمان يزيد ..

سكسك طائر البوم القريب ، حينها مستغرب وقال : "في غيابه الاحلام ما زلت يا هذا تحلم" .
توقف الصغير وسكت وبالرأس انطوي ، ولكن الكبير اشار له الاكمال دون اكتراث ..
تابع الصغير :

قد حاكته الان شفاه قصةٍ وردية
لا تزويها هالة توقفٍ ولا جملة قصر جنبية ..
قد تمنته الحين رواية تضمه في ارجاء القص الجميل
ولكن القص ما جاد الجود الا بأملٍ والحب فيه يميل ..

قال الكبير له حينها :
تصدق الصحب عليك بصحبتهم
وانت لم تزل في غيك لهم تقدح ..
رموك بيناع الود وانت لم تزل فيهم
لا ودا ولا حسا يُري فيه تأرحج..
تضمهم في ارجاء قصةٍ وما عليك الا
بجزء تحصد فيه زرعا دون تبحج
فقولي لك في متل الموقف حينها
بأخوة تبادلها تكن انت الانجح ..
بظلالٍ يوم يحشر الناس فيه عراه
في وكنات الظل هناك تكون سعيد ..

25/1/2010
محمود

حنظلة ..


في وَلَعِ الرصاص ، الآزِّ(1) بصوته المتوقّف الان لبرهةٍ من الوقت ، من فوق الرؤوس .. هناك وسط الشارع ، في ذاك المنزل ، قد إجترأ الجنود خُبْثَهُم ، وكمِنوا في المرْبض ، حتي بدت حركات الشارع في هدوئها الرتيب في الصباح الباكر وأن تَدُب .
علي عتباتِ البيوت ، تلك التي بقربها الجدران تتلاصق ، تحضّر الصبيان للخروج وهاموا فيه الإستعداد ، أكواب الشاي الدافئ نحو ثغورهم الصغيرة ترتفع ، تُرْتَشفُ في عجلٍ ، صاح كبيرهم:
قد حان وقت الخروجَ للشرق (المنطار) يا صحبُ وقد حان .

تشابكت الانظار ، تلاقت العيون ، ببعضها ، محمدٌ ينظر وكذا صاحبه بالمثل له يتناظر ، لقوةِ النظرات منه لم يدع حنظلة الا وبالنظر المتبادل اليه وأن يسأل ، قال محدثا نفسه :
خلف العيون تتواري القلوب ..
يا صاحبي ما الخبر .. سأل حنظلة بالصمتِ محمد.
رد الصمت عليه فقال : قلبي ناقز يا حنظلة ..

بَيْد أنّ زاوية الشارع لم تَفِي لرأسه وان تحمي ، تفاجئ بالرصاص المسكوب من فوهاتٍ الجنود الغصّة ، تلقّفته رصاصةٌ ، تناطحتها الجدران بميلها الطائش ، تجمّع الصحب من حوله لينظروا فيه إثره ما الضرر ، رأسٌ مشروخ المنتصف حتي الخيشوم الصغير ، تبدّل الوجه في زيح لِثامِه نحو الكشاف المنظور ، نَاحَتِ الدماء بإنهمارها ، حملقتْ عيونه في السماء أنظارها ، سكن الجسد وبَرتِ الروح في الخروج لربها وسكنت ... قالت هُدهُدُ الموقف في وصف الحال : يا بُرهة الصبر للموقف تنزّلي ، بالام والصحب تزنّري ، وحوِّطيهم باترائك الكلمي .. فذا هو حنظلةٌ للعُلي قد ارتحل.

علي فيء الطريق هناك ، قرب النافورة ، في سِيْرِ الكلام الساكت ، ظل الصحب بالصمت الجالس فوق الموقف رابون ، بالفراغ قد رامو لأنظارهم الهيام ، قلوبهم تنظر لحياتها بسلاحٍ هو ذا الفارق ، جفون الصبر فيهم للاحزان قد لاحت بكشطِها ، قال رامي : سنظل بكفاف الحال نصبر كصبر أيوب ، مصابرةً نرْتويها من كؤوس كتابنا ، تتشربها أرواحنا وهي للجنان توّاقة ، فإما نصرٌ تعتليه الانفس بصدقها ، واما شهادة بفوز الاخري .

في حلول الذكري المؤرقة بتمامِها ، في انفكاك القيد ، وقرب انعتاق الفجر من رحم ذاك الليل الطويل ، تربعت اقدامه بضمها للأرض وتصلّبت ، جلس محمدٌ في محرابه بتهجّدٍ يدعو ربه هناك ويتذاكر ، مضت سنون العمر فيه بِطِيّها العشرين ، والموقف الاليم بكماله بين ناظريه متمثِّل ، طيْشَ الرصاص علي جدارن الشارع في منظرها تسقِم روحه الثكلي ، تسارع في الخروج من تلك الذكري خارج غرفته ، لاقَتْه الام بكوب الشاي حينما همّ في طريقِ الخروج ، تناول من اطرافها الكوب ، ارتشفه في عجلٍ ، فجأةً ... تسمّر فِكرُه ، فالموقف حينها قد بدا للوري برجوعه وقد عاد ، صاح هدهد الموقف الثاني في وصف الحال : قم يا محمدٌ ولبِّ النداء ..

رجع لسريره ، نظر الليل في ارتحاله من تلك النافذة المطلّة علي الفراغ ، وقد بدا حينها الخيط الابيض من الاسود في انعتاق الفجر يبان ، تنهّد بتنهُّداتٍ مسموعة ، وفي صدره زفرات الحنين للفوز هناك ، رن جرس الهاتف ، فإذا بالمتحدث له يقول : كن علي استعدادٍ يا محمد ..

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الآزِّ(1) : من أزيز الرصاص ، صوت الرصاص

انتهت ..
17/1/2010م
محمود






موفي النسيم ..


قد تجولت في بساتين المجد ..
وتراءي لي اطياف من أحب ..
قد إحترتُ لمن أقطفُ الازهار ..
ولمن أهدي اغاريد الاطيار ..
فما وجدتُ إلّا تلك الروح ..
....
فإلي الروح التي سكنت روحي ..
لذاك النسيم الذي هبّ في ثنايا الصدر فأنشاني ..

له اكتبُ ..
فكر الكلماتِ ..
وما زلتُ في أرجائه الحرّي ما زلت اكتب ..

(دعواتك يا امي)

انتهت
محمود
12/1/2011

الطائر ..


قال الطائر :
" وأَنْ تظلّ مفتول الروح يا هذا ، شامخُ الاركان بربك ..
تنظر لِما وراء الاحداث بخيراتها المكنونة ..
ولا تُثْقِلُ انفاسك بتنهداتِ الاحزان الشابئة بمنغِّصاتها..
ولا تَرُوْغ الا في أتْرابِ الاخلاص بعمالك ليومِ البقاء ..
حينها ماذا تكون ؟..
ولا نراك تُخرِج الكلام الا بميزان القلب الساكن فيك ..
ولا تَطْمِسُ اترائه بأحزانك الساكتة التي تدميك..
تُحدِّثُ الصمت السائد فيك بالخير ان يتكلم ..
تنادي الناي بصوت الفرح للغير ان يتجمّل ..
فإن كان فيك كل ذاك او بعضه .. فعش الحياة جميل السعدِ سعيد .."

في مروج الكلمات المخضّبة بحروفها ، من حركات النُّصِح المتجمّلة بمراتِبها ، الي مروج الآفاق المتزينة بالغيوم الساحرة ، قد رأيتُ الطائر ، وأجنحةُ الكلماتِ علي جانبيه ، قد طار بهما للافق وحلّق .
سكت الطائر في نُصحِه المسموع ، وثغر الكلام في قلبه للرائي قد بدي كالشقِّ كالمفتوح ، ألقي ما فيه من كلماتٍ وتابع في سمائه التحليق ، لاح ببعده عن ناظريَّ فوق سفوح الغيوم المتعالية بشهقانها ، كطير الاساطير قد بدي لي حينها كطير الفينيق ، عاد الصوت منه للآذان يتردد ، يقترب هو في بُعده ، فالصدي في وضوحه ما زال يعدو متكررا لي ويصيح:

" فإن كان فيك كل ذاك او بعضه .. فعش الحياة جميل السعدِ سعيد .."

وإني لكذلك إذ بي اري الطير في سفوح الفكر متنقِّلاً ، وإني ما زلت الان ها هنا ، وكذا يداي فوق الأزرار تَرْقُب لمْس حروفه المنشودة بِتأملٍ ، رأيت وَقع الكلمات من ذاك الطائر فَشَدّنتي، أَخَذْتُ ما قاله لي بعيون قلبيَ ، فتمثّلتُ الخبر الآنيّ بحقيقه دون تَمَلْمُلٍ او تذمّر .
قلت لنفسي محدثا لها : طائرٌ يطير بكلماته لهو عجبٌ كبير ، وإنبراشُ الأجنجة في اندثار الريش علي جانبيه قد ادمي قلبي بالمنظر المتصوَّر الحسير .. طيرٌ بإجنحة الكلمات !!! ، أهو طير الحقيقة ، ام جمادُ الخيال ؟.. ، سَكَتُّ حينا وقلت : ولكني لن أؤول بقليل الجهد المبذول للجواب ، حتي اجد بكثيره ما هو لي بالفكر مطلوب .
خرجت للهواء الطلق ادفع به الضجر عن نفسي ، مددتُّ الطائر في عيوني بمداد النظر لدي ، قرب أشجارِ الرمان صِرْتُ ابحث عنه وأتباحث ، فلعلي اجد عنده الجواب ، رُحت اسألُ وافتِّشُ عنه الفراغ ، اصيح في الارجاء بروحيَ قائلا:
"هو ذا طائرٍ بلا اجنحة بالعين المنظورة ، يَحُطّ الارجاء بكلماته ، وَعِزُّ الكلامِ فيه كلامُ الخِيْرة ، من رآه ضِمْناً فليكتبِ النداءَ في كتابِ الريح : أنْ الخبر عندي موجود موجود .."
إنتظرتُ تحت الأشجار ونظري في غضونها يتنقّل ، لاحت الريح بحفيفها لِتُنْبِأ الأرجاء بقرب الهبوب المترقّب ، تنبّهْتُ لها منتظرا ، فلعلها تحمل بن نسماتها الجواب ، ولكن الريح ما جائت الا بهبوبها العابر.
انتظرت حتي اتي الليل المدلهمّ بظلامه الدامس ، تَرَقّبتُ الخبر عن الطائر من أي شئ في الكون موجودٌ يتحرك ، بحثثُ عن بصيصَ نور اهتدي به لطريق الرجوع حينما ارجع .
سمعتُ طقطقةَ طرقٍ في الشجرةِ التي بقربي ، وإذا بصوتها في اذني يرتفع ، وكأني اري شِقّاً فيها يكبر بحجمه المنظورَ ويتسِع ، خَرَجَتْ من ذاك الشقِّ بِضْعُ فراشات طائرةً بأجنحتها ، تجمّعتَ في اقترابها من فضائي القريب ، قد كوّنت بعد حينٍ في إجتماعها كلمة لا غيره سواها ..
هالني المنظرُ حينها .. دققتُ النظر ، فإذا بالكلمةِ مكتوبٌ فيها :

"لا ترقُب الطير في أسئلة الرجوع ..
فهو طير الحقيقة في كلامهِ المَنْصُوح ..

فإن كان فيك كل ذاك او بعضه ..
فعش الحياة جميل السعدِ سعيد .."

انتهت ..
محمود
8/1/2011

البرقية..

"وصلتني برقية ، فيها من الوصف لي وللمدونة ما لا اجده حتي في كبار الكتّاب واشهر المواقع ، لذا ما ارتضيت الا وان اضع النقاط علي الحروف ، ليس الا من باب انزلوا الناس منازلهم الحقيقية ، وإن لا ارتضي الا بمنزلة فيها الحق يقال .. "

ثابَ إليه الرشد حيناً من الوقت في طي سطورها ، اطلّ برأسه من تلك النافذة الضيّقة بشباكِها ، نظر السماء في غيومها المُنفلِتة كريعِ الأغنام تتبعثر ، تسارع في الخروج من منزله ، فَوَقْعات الاقدام منه تَقْعَرُ أرضَ الفناءِ بصوتها المتغندِر، رمقته الامُّ في إثر الطقطقات بقولها: إلي اين يا ولدي انت ذاهب ؟ ..
في الطريق المتعرِّج بإنبساطه للمسجد توقف أحمدٌ وهو ينظر ، يداه تُطْمَس في جيوب السترة التي يرتديها، يظل بوقوفه السامد ينظر شفق الافق البعيدِ بالتفكير ليعتبر ، لحظاتُ الفجأة هالته بشهيقها ، فمن صدره المتفرّد بشجونه ، قد حسب الحين فيه ساعته كأنه بأنفاسه الخارجة يحتَضرُ دون تنبيه له او خبر .. تنهد ثم تنهد ، ثم تحدث لنفسه قائلاً :
"هي ذي البرقيّة وانا ذا انا فيها ، ولكني لأشك من اني لي الحقّ بِتَلقّيها ، فانا لست سوي كالحرف العابر ، لا ينْجلي بي العمر الا وأُدُثر دون جَمْعٍ فيّ او تشاور ، فأنا لست سوا كالحرف المُبْهَم في قحاف الذكري ، فإن رآني الناس قد فَطِنتُ الحرف ، فلا بدّ وأن ينشُروني بجمول الحسري ..
ولكني سأردُّ علي البرقية بكلامي القليل بعد رجوعي من قرّة الحياة .."
في صعوده المنزل ، من علي الطاولة ، في صحن البيت ، تناول شبه قلمٍ ، وبقايا أوراقٍ هناك ودفتر ، خطَّ السطر الاول بقوله : برقية برقية .. تابع في خطِّ الافكار فيها دون تجاملٍ ، فقال:
" برقية الكلام نطقت بسطورها ، بالنبر الساكت ، لا بالحرف المسموع ، المعاني في انبثاقِ نصوصها ترانيم صمتٍ خجلة ، الوجنات في مُتَلَقِّيْها تحْمرُّ بحُمرة الروح ، الأثرُ منها لا يُري إكتمالُ تمامه الا حينما يسري التمحيص له وضوحاً لظرف البيان .

وَقْعُها بالنفس له وقعٌ بالغ التأثير ، يستردُّ المتلّقِ الرد المخزون في قلبه بالتلعثم كالصغير ، يحتار بعفوية الكلمات بحثا للبوحه الصادق ، بِسَطْوتِها لم تدع للكلام السريع منه ان يمضي ، فكلامُه المنشود في قلبه لم يبِت في مرقده له ساعتها أي معني .

تابع الردّ بصفة الوصف للأخر عن نفسه فقال ..
لم يعي السطور بكنها الجميل الا بنورٍ من بين ثناياها وقد ظهر ، تعاهد فيها التكرار المتتابع مراتٍ تلو المرات ، سار بالامل النديم لها بقراءةٍ مسايرة الشوق في دربه للقمر، في مراتع انسامها الهابّة قد جلس ، تناول من حقبها جُمول الوصف والدرر ، زاد الاحمرار لروحه الكلمي متعللا ، تلعثم بالاخري متوقفاً ، متسائلاً ، هل انا ذاك؟ .."
توقف احمد ورد علي نفسه قائلا : لا يا صاحبي فأنا لست هو ولن اكون هو ذاك ..
إلي هنا .

انتهي
محمود..
4/1/2010م

هكذا تخضبت ..


(1)
تبدّلت السجيات
تغيّرت مفاتيحها
تأزمت الحركات
في قُفول الياليتنا

فلستُ انا الان انا
ولستُ في وجود الهاهنا
ولستُ في شُمول الوَجْد واعٍ
بل في مُكوسِ الجَثِّ حسٌ أُجتبي

(2)
تجففت العبرات
لبذخِ البكاء
تعدد العتبات
في قلبٍ شوي

إذا ما عز الكلام لنّصِّ تكاملاً
للروح في دروبها حرفٌ واحد
هو ذا الطنيب وفيه رجاءُ العابد
للروح في ارجائه خير الكلمات
وَلِنون النفس فيه اساريرُ الحاجات
هو ذا الكلام النقي المنشود في قولنا ..
((يارب لطفك))

انتهي ..
2/1/2010
هكذا تخضّبت ..

بقايا تنفس ..


شُذِرْتُ من نفسي في وطني وصرت فيه كالطير بلا جناحٍ في مهب الريح ..
شُذِرْتُ وشَذَرْتُ الناس من حولي ورُمْتُ في آبار التِّيه كالضّبِّ الشريد ..
شُذِرْتُ من نفسي وشَذِرْتُها ..
فآهٍ يا نفسيَ ويْحك.. ثم ويْحك .. وويْحي ..
ما بالُ خضوبي تتخبّط في اركان التحسّر وتنوح ..
في اللولاء تتمرّغُ اراها بترابِ السّقم السابرِ وبالحزن تصيح ..
(كل شئ بما كسبت يداي )
فيداي لما يبقي فيهما غير اصبعٍ معلّق
يُمسك الحِبر بطرفه وَيَسْرِيَ في خطِّ الحرف دون تملّق
يقول ..
فإلي الذين قد شَذَرْتُهُمْ بإجحافٍ اكتب كلمةً ..
فلعلها تُري بعيون الاسماع ولا تُداري ..
" لولا العفو ما وجد الجزاء " .. للنسيم

1/1/2010
بقايا تنفّس ..

متفرقات 2


شموس الهدي ..
يا أركاني التوّاقة لشموسِ الهدي ..
فإنفري ..
وتزنّري بذكرهم تلك الحدود ..
يا أيها القلب الذي في حبِهم صار اليناع ..
نباتُك المرجوِ
فيه التعطّش بغيابهم ينمو ويزيد ..
فالروح قد سقتك بدونهم بقايا حسٍّ آسنٍ
فما اغنتك من شربٍ
في جنباته ظمأٌ يذوب فيه الجليد ...
فساؤهم قد لاحت فيك متعنّتةً
متحاملة بقليلها
فصبّت أباريق زهودها بقلٍّ لا يزيد...
والأرض متبذّلة فيك رياض جمالها
فطِحت في مجاري الدمع بإنتباهٍ وشرود ...

هل ؟!!! ..
هل عشتِ الموت حيناً ، وتنشّقتك الزفرات
وتشربت الصمت سمّاً .. من كؤوس الوانيات...
هل شاهدت الشر خيراً ، وتأبطتك العبرات
متنهِّدا بدمعٍ سيأتي .. متيقظا لما هو آت ...
هل عاينت الجزع صبراً ، وتفقدتك البسمات
مقهقها ببشرٍ سيبكي .. من عيون العاديات ...
هل فاقتك الروح ضراً ، وتملكتك الحسرات
متعللا بدهر سيمضي .. مثل ضبٍ في البيات ...


انتهي ..
محمود الراعي
22/12/2010م

ألحان الريح ..


عازفٌ هو في صوت الريح للسمعِ بتتره يَسرِي ، حازماً الجأش بصبره عند هبوبِ التغبّر في زفراتها المحسوسة ، تعانقت الحانُه في إندماج الأثير الطيب منها ، تجمّلت نبراتُه في سُرادق النفير عند مرورها الجميل ، مستعدةً ألحانه لتنقضّ نحو الاسماع المتسلطة عليها بإفتراس ، فمقام الطرش في آذان السمع يندثر عند الإنصاتِ لها بإنزواءٍ شامخ .
تحت الشجرة ، وارفة الظلِّ، قد إستظل في ظلها راعِ الغنمِ الصغير ، جلس وراق له فيها عبير النور ، فوق الصخرة تري أقدامه تربعت ، تراخت جفونَ اليقظة ، واغلقت ابوابها ثم تصلّبت ، فنضوج النوم المحبوس قد بنان في سكونه بتحُّررٍ مثمِر .
تمايلت الريح في ردائه بالتحريكِ المستمر ، ناحية السقوط السلِس بكل إنحدارٍ الصخرة قد سقط الرداء من علي جسده النحيل ، وعلي الأرض استقر ، وصار حينها الراعي لكشاف الوجود السرمدي كشمس الضحي.
تنبّه لدَّمْدَمَة (1) الريح متيقظاً ، ناحية اليمين واستدار بردائه في الخصر بتحزِّمٍ ، تلحّف علي تلك الصخرة وشدد في إلتحافه ، ولكن الريح في زفيرها ما ابقت للنوم الهاني فيه من مرسي .
في الريح ساعة الهبوب وقد انتظر ، ساعاتٍ مرّت ثم تنسّم فيها املاً لما هو فيه تواقٌ ينْظُر. ريحٌ طيبة.. .
مد يده وتناول من برقعه قيثارةً ، تبسم لقطيع الاغنام من حوله في نظراتٍ قد حاكت ضَحِكاتِ الأفق البرّاق ، توقف وتنهد وعيونه مغمضة ، قد إلتثم حينها شهيقا مترنِّحا بطوله ، ثم ترك العنان لروحه لتتغني بقصائدٍ نبراتها شوقٌ بنرٍ مكنون .

بجانب النهر القريب وقفت غزالة ، تسمع وتنظر بلهفةٍ ، توقفت في إثر القصائد التي غُنّت ، بالصمت المتأمل للألحان المتعانقة بسرورها تجمّلت ، تراءت الراعي متربعا ، فصوت الاثير رمقته بعيون السمع المتفحص .
توقف العزف لبرهةً ، تسابقت الغزالة في الريح للنهر قافزة ، تمتطي الخفّة في جريناها عكس الريح ، موحلةً هي في تياراته ، متقاربةً من تلك الصخرة بإندفاعٍ كبير ، تزاحمت مع قطيع الاغنام بهمةٍ ، حتي لا يضيغ منها النبر الوالع .

تتابع العزف ، ثم توقف من جديد ، سحنةٍ من الوقت ، اعتدل الصغير ، تناول من قارورته شربة ماء ، حام بنظره في بطحاء الافق الآيل للظلام متأملا ، تناظر الاغنام في قطيعها ، شاردةٌ احداها خلف الحمي المعهود ، تتبع في خُطاها المسير ، اناخ بصوته الرنين سمة الاتباع فيها ، تبِعَتْه دون أي رفضٍ منها او ثغاء (2) ، تعامد بظهره للصخرة متراجعا ، فالغزالة حينها بجمالها اضحت للراعي الصغير متباينةً جلية .
هبت في ارجاء ذاك المنظر ريح صمتٍ جميل ، اقتربت الغزالة ، واحنت برأسها ، بتحيةِ اللقاءِ و قالت:
روحٌ تتغني ..
بقصائدٍ فَحولها الشوقٌ المكنون ..
ارقطنا بشوقك يا ايها الذي شوقُه له اسباب ، والسبب يُذْكيه المصدر ، والناتج يبان في خلجات الروح عند فلتاتها ، فالروح بك الان تتغني ، فأثرِنا بالوصف بما انت فيه يا أيها الراعي الصغير.
قال الصغير:
أيتها الغزالة السائلة .. من على خاصرة الافق ، المتراقص ببهائه ، بالجمال ، وبكل مكامين الحسِّ وبمدلولاتها ، قد امسكتُ بما في ثغري من كلامٍ , وعقلته بقيثارتي التي يباين تترها كسلالم نحو القلوب ، فتمتزج في مرور الريح بصعودها ، فتصير الحانا فيها شوقٌ للغائب الطيب فتخرج الالحان يانعةً فيها كلمة .. نحبهم .

أيتها الغزلة الندية .. عندما يلوح في سمائك ريحُ خيرٌ مفدي ، يسعد فيه قبلك، وتنظرينه ببشر متفائل ، وكأن الدنا قد صارت ملكك ، فتسِيحين فيها مطمئنةً ، تتوقين بدوام الحال الذي انت فيه بإستمرار، في الصحب ، في وجودهم ، وعند يقين التلاقي هنالك ستبزع الشمس بإشراقها النديم
أفلال ينبت كل ذاك في روحك شوق له تترٌ عامر ؟؟

انتهت ..
محمود الراعي
24/12/2010م