
في وَلَعِ الرصاص ، الآزِّ(1) بصوته المتوقّف الان لبرهةٍ من الوقت ، من فوق الرؤوس .. هناك وسط الشارع ، في ذاك المنزل ، قد إجترأ الجنود خُبْثَهُم ، وكمِنوا في المرْبض ، حتي بدت حركات الشارع في هدوئها الرتيب في الصباح الباكر وأن تَدُب .
علي عتباتِ البيوت ، تلك التي بقربها الجدران تتلاصق ، تحضّر الصبيان للخروج وهاموا فيه الإستعداد ، أكواب الشاي الدافئ نحو ثغورهم الصغيرة ترتفع ، تُرْتَشفُ في عجلٍ ، صاح كبيرهم:
قد حان وقت الخروجَ للشرق (المنطار) يا صحبُ وقد حان .
تشابكت الانظار ، تلاقت العيون ، ببعضها ، محمدٌ ينظر وكذا صاحبه بالمثل له يتناظر ، لقوةِ النظرات منه لم يدع حنظلة الا وبالنظر المتبادل اليه وأن يسأل ، قال محدثا نفسه :
خلف العيون تتواري القلوب ..
يا صاحبي ما الخبر .. سأل حنظلة بالصمتِ محمد.
رد الصمت عليه فقال : قلبي ناقز يا حنظلة ..
بَيْد أنّ زاوية الشارع لم تَفِي لرأسه وان تحمي ، تفاجئ بالرصاص المسكوب من فوهاتٍ الجنود الغصّة ، تلقّفته رصاصةٌ ، تناطحتها الجدران بميلها الطائش ، تجمّع الصحب من حوله لينظروا فيه إثره ما الضرر ، رأسٌ مشروخ المنتصف حتي الخيشوم الصغير ، تبدّل الوجه في زيح لِثامِه نحو الكشاف المنظور ، نَاحَتِ الدماء بإنهمارها ، حملقتْ عيونه في السماء أنظارها ، سكن الجسد وبَرتِ الروح في الخروج لربها وسكنت ... قالت هُدهُدُ الموقف في وصف الحال : يا بُرهة الصبر للموقف تنزّلي ، بالام والصحب تزنّري ، وحوِّطيهم باترائك الكلمي .. فذا هو حنظلةٌ للعُلي قد ارتحل.
علي فيء الطريق هناك ، قرب النافورة ، في سِيْرِ الكلام الساكت ، ظل الصحب بالصمت الجالس فوق الموقف رابون ، بالفراغ قد رامو لأنظارهم الهيام ، قلوبهم تنظر لحياتها بسلاحٍ هو ذا الفارق ، جفون الصبر فيهم للاحزان قد لاحت بكشطِها ، قال رامي : سنظل بكفاف الحال نصبر كصبر أيوب ، مصابرةً نرْتويها من كؤوس كتابنا ، تتشربها أرواحنا وهي للجنان توّاقة ، فإما نصرٌ تعتليه الانفس بصدقها ، واما شهادة بفوز الاخري .
في حلول الذكري المؤرقة بتمامِها ، في انفكاك القيد ، وقرب انعتاق الفجر من رحم ذاك الليل الطويل ، تربعت اقدامه بضمها للأرض وتصلّبت ، جلس محمدٌ في محرابه بتهجّدٍ يدعو ربه هناك ويتذاكر ، مضت سنون العمر فيه بِطِيّها العشرين ، والموقف الاليم بكماله بين ناظريه متمثِّل ، طيْشَ الرصاص علي جدارن الشارع في منظرها تسقِم روحه الثكلي ، تسارع في الخروج من تلك الذكري خارج غرفته ، لاقَتْه الام بكوب الشاي حينما همّ في طريقِ الخروج ، تناول من اطرافها الكوب ، ارتشفه في عجلٍ ، فجأةً ... تسمّر فِكرُه ، فالموقف حينها قد بدا للوري برجوعه وقد عاد ، صاح هدهد الموقف الثاني في وصف الحال : قم يا محمدٌ ولبِّ النداء ..
رجع لسريره ، نظر الليل في ارتحاله من تلك النافذة المطلّة علي الفراغ ، وقد بدا حينها الخيط الابيض من الاسود في انعتاق الفجر يبان ، تنهّد بتنهُّداتٍ مسموعة ، وفي صدره زفرات الحنين للفوز هناك ، رن جرس الهاتف ، فإذا بالمتحدث له يقول : كن علي استعدادٍ يا محمد ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الآزِّ(1) : من أزيز الرصاص ، صوت الرصاص
انتهت ..
17/1/2010م
محمود
علي عتباتِ البيوت ، تلك التي بقربها الجدران تتلاصق ، تحضّر الصبيان للخروج وهاموا فيه الإستعداد ، أكواب الشاي الدافئ نحو ثغورهم الصغيرة ترتفع ، تُرْتَشفُ في عجلٍ ، صاح كبيرهم:
قد حان وقت الخروجَ للشرق (المنطار) يا صحبُ وقد حان .
تشابكت الانظار ، تلاقت العيون ، ببعضها ، محمدٌ ينظر وكذا صاحبه بالمثل له يتناظر ، لقوةِ النظرات منه لم يدع حنظلة الا وبالنظر المتبادل اليه وأن يسأل ، قال محدثا نفسه :
خلف العيون تتواري القلوب ..
يا صاحبي ما الخبر .. سأل حنظلة بالصمتِ محمد.
رد الصمت عليه فقال : قلبي ناقز يا حنظلة ..
بَيْد أنّ زاوية الشارع لم تَفِي لرأسه وان تحمي ، تفاجئ بالرصاص المسكوب من فوهاتٍ الجنود الغصّة ، تلقّفته رصاصةٌ ، تناطحتها الجدران بميلها الطائش ، تجمّع الصحب من حوله لينظروا فيه إثره ما الضرر ، رأسٌ مشروخ المنتصف حتي الخيشوم الصغير ، تبدّل الوجه في زيح لِثامِه نحو الكشاف المنظور ، نَاحَتِ الدماء بإنهمارها ، حملقتْ عيونه في السماء أنظارها ، سكن الجسد وبَرتِ الروح في الخروج لربها وسكنت ... قالت هُدهُدُ الموقف في وصف الحال : يا بُرهة الصبر للموقف تنزّلي ، بالام والصحب تزنّري ، وحوِّطيهم باترائك الكلمي .. فذا هو حنظلةٌ للعُلي قد ارتحل.
علي فيء الطريق هناك ، قرب النافورة ، في سِيْرِ الكلام الساكت ، ظل الصحب بالصمت الجالس فوق الموقف رابون ، بالفراغ قد رامو لأنظارهم الهيام ، قلوبهم تنظر لحياتها بسلاحٍ هو ذا الفارق ، جفون الصبر فيهم للاحزان قد لاحت بكشطِها ، قال رامي : سنظل بكفاف الحال نصبر كصبر أيوب ، مصابرةً نرْتويها من كؤوس كتابنا ، تتشربها أرواحنا وهي للجنان توّاقة ، فإما نصرٌ تعتليه الانفس بصدقها ، واما شهادة بفوز الاخري .
في حلول الذكري المؤرقة بتمامِها ، في انفكاك القيد ، وقرب انعتاق الفجر من رحم ذاك الليل الطويل ، تربعت اقدامه بضمها للأرض وتصلّبت ، جلس محمدٌ في محرابه بتهجّدٍ يدعو ربه هناك ويتذاكر ، مضت سنون العمر فيه بِطِيّها العشرين ، والموقف الاليم بكماله بين ناظريه متمثِّل ، طيْشَ الرصاص علي جدارن الشارع في منظرها تسقِم روحه الثكلي ، تسارع في الخروج من تلك الذكري خارج غرفته ، لاقَتْه الام بكوب الشاي حينما همّ في طريقِ الخروج ، تناول من اطرافها الكوب ، ارتشفه في عجلٍ ، فجأةً ... تسمّر فِكرُه ، فالموقف حينها قد بدا للوري برجوعه وقد عاد ، صاح هدهد الموقف الثاني في وصف الحال : قم يا محمدٌ ولبِّ النداء ..
رجع لسريره ، نظر الليل في ارتحاله من تلك النافذة المطلّة علي الفراغ ، وقد بدا حينها الخيط الابيض من الاسود في انعتاق الفجر يبان ، تنهّد بتنهُّداتٍ مسموعة ، وفي صدره زفرات الحنين للفوز هناك ، رن جرس الهاتف ، فإذا بالمتحدث له يقول : كن علي استعدادٍ يا محمد ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الآزِّ(1) : من أزيز الرصاص ، صوت الرصاص
انتهت ..
17/1/2010م
محمود
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق