الجمعة، 28 يناير 2011

بقايا مدفونة


فقد آن لها بالقول ان تبوح ..
(1)
ما اجمل ان نتذكّر ونتذاكر من أن الحسّ في شموسِه لا يُغطي بغرابيلِ التضاربِ المتكهِّن ...
فالنفوسُ وان أسْلَمَت التسليم في عكوس حقِيقه بتوافقٍ ، فَلْتُطفئ سُرج التواري ، فقد حان لليلُ الخلاص في بيانه الوائل ...
وحقّ للشمس ان تتغني بنجومها .. فصاح القمر فأطرحوني رياض التتر

(2)
أيتها الزفرات التي أنشأتكِ مرارة الأسي .. قد سألتك فإنفري بي شهيق التوقف ..
أيتها الحروف التي ما تأبطت الروح تجملاً إلا بخطك .. قد رمقتك .. فأرقدي في آبارٍ حظوظ الماء فيها قد جفّت ..
يا نهاويداً بثّتها لوعة من أتلفه الصبر المجزوم .. اليك ..
اليكم وبكم معذرةً ..
..
واسفٌ إن انا تماديت ..
.
New
هل يحيف القلم هنا ؟
لربما

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تم الاكمال بتاريخ 29/1/2011
انا محمود ..

سفر ..


سأسافر هنااااااك .. وماذا هناك يا ترائب الشوق وماذا ..
تلألأت النجوم في مهد بريقها و تلألأت ..
تخاطرتُ بنفسي كالطفلِ الحانَّ لأمه في بحذخ الحنين منها ، وبِالبِشر تري نفسي بها ترائت ..
علي بُسُطِ الجمال ، وانطرحتُ الحين بقباسات النظر لتلك النجومِ ، لأنظر أين هو منها قلبي ..
اعُدّها تلو الواحدةَ والاخري ..
فجأة ...
فإذا بشاردة الرؤي في نظري ترامت الضوء المسلط علي مجهولٍ وتراني نظرت ..
قد أزيح الستار عن نجيّمٍ النور فرمقته بالحين متداريا بالروح بها وقد تزين ..
تجسّد كالطفل الصغير وانا كمثله هناااك حينها اضحيت بصغير ..
لمراتع الذكري قد سهمت روحي وتاقت ..
وعلي كتفاي ربت المحبة بخف بنانها وبي قد سكنت ..
هناااااااااااك .. واي هناك يا ترائب الأشواق ..
قد رقمت الحين منه فأدماني بالشوق اليه ..

سأسافر هنااااااك .. وماذا هناك يا ترائب الشوق وماذا ..
كأنا في شفق الغروب صرنا بالغيوم نتهادي ..
وامتطينا في غروبها الساري غسق النجوم ، قرب القمر لنسكن ..
هنااااااك ..
فتجسدت نسماته في قلبي كالريح اَلهَابّ بحبه الجميل ..
أشتدت روحي بالعود منه واليه وشهقت النور فيه التنفس لأتنفس ..
نظرت له بالقلب واهتديت ..
فأهديته قلبي بجانب فكر الكلمات .. فهلا يقبل ؟ ..

محمود ..
13/1/2010م

ميلاد النسيم ..


وكعادتي في كل صباحٍ متشابهٍ ، اخرج فأعتلي بطحاءَ ذاك التلال الوهّاج بجذوة الشمس الموقدة ، انظرُ فأري أُخْيُلُةَ الجمال في وجودها ، وهي تبيح طريقاً فاتناً وكأنَّ روحيَّ الكلمي تتحررُ من حدود ذاك الجسد الضيق.
أري الشمس تتعامد نُصب ناظريّ بتمام الرؤي ، انظر من خلالها ، وانظر الكلمات ، وهي تُبَعْثِرُ حُروفها في خيوط النور ، أنظُمها ، ثم انثرها هناك في اديم الريح المُسرعة في هبوبها للوقت المطلوب ، فلعلها تَتَجَفِّفُ من ماءِ التواري السقيم المريد .

تترامي الكلمات دون اي رقيبٍ وأراها ، هنالك ، وهي ترجع إليّ مرة اخري ، في تراجع الريح ، وأنا ارفثها ، اسكن صامتا بجسدي ، فالروح قد حان لسراحها ان تتحرر ، لتعانق أرواحاً ، فتترنّم الكلمات صوب أديمهم الذي يُري فيه الوِهاج المنشود .
قد جئت الان الريح ، لتُرجع ما ادلفته لها ، فالخطب ما برِح الوقت الا بتمام القرب لما هو في الحدث قريب .. نظرتُ الريح بشمائل روحي ، ظاناّ بها لما اتوق طَلَبَاً فَتَفْهَم، فأومأتُ الريح لي حد الإماءِ بهبوبها المفهوم .
سألتُها بالكلام ، فقالت هو لك ، ومني الاتي فَخُذ ..

لكِ يا نسيم الخير كتبت ..
فوق اقبية الشعور المتدفق بعذوبته ، علي اهازيج القلوب بفرحها ، عند نفثات الروح الأرجوانية السعيدة ، متذهبةٌ قد رأيْتُكِ ، كالشمس تنْظُمين النور للحياة بتوزيعكِ الشاهر ، بالرفق تنْثرين صفائك في القلوب ، تتشبّثُ انغام النقاء في تلابيبك الحرّي بالسمع الناهد ، تجُولِين في انْسُمِ البسمات فتسحرينها بتتابع المرور ببهائك ، وتسحرين فيّ بقايا النظرات .
سائحةً انت في عباب التواضع الكريم ، ففي ارضك لا ينبت الا مساريق الأخلاق .. قد لا ترضين بالوصف القائل لك الا بما قد دنا الحق فيك وقال ، ولكني اقول : لا ، بل انت هكذا عندي ، وهكذا هو انت ، فالغزالة وإن فَنَتْ بقرونها تجازُفا ، فهي في نظر القاموس جَمَال .

قد دني الوقت ، لحلول الذكري ، دقات الساعة تُنْبِؤُ وتدقّ ، احتار في الكلام ، في صدقه المنشرِح ، احتار ، فترُدّني الروح برفق الحب الفريد ، وتقول : تريث الكلام ، فالكلام في حسّه يبان.
تُراودني انصاف الكلمات لتخرج هكذا ، دون داعٍ متيّمٍ ، هكذا ، لا... لن تخرج الكلمات الا في وضوح التمام.
ورقةٌ في يد الفجر ترتعد بشدة ، قد فنِيت اليد بعد حين ، كخيط سيجارة وانطفت ، وظلّت الورقه ، حاضرةٌ معقلة في رفوفه الجميل .. قال لي الفجر: قد كتّبْتها ياهذا ، ووالقيت لي بأثقالها ، فخذ ما انت به عليّ محمِّلٌ ، فأوانها الان بالوقت قد حان .
امسكتنها وقرأت ، آآهٍ قد تذكرت ، مكتوب فيها ... ذكري ميلاد

"من كروم البدر ، من قمر معتبر ، حقا عبيرها غريبُ العبق ، يأكلني التردد .. في أي شئ افديها ، اذا ما جاء العمد ، وردٌ وحلوي ، وانا ، الست انا من يهواها؟ ، بباقةٍ لا اقلد فيها أي فردٍ او فريد ، اليس من يدلني للخطب موجود ؟...
احزم رابطة فكري ، واسرُج النجمة المقيمة في موطني خيلا لها هديةً واقول: من يقتنيك يا نجمة الجمال غيرها ، في يوم ميلادها، ونفسي هدية تحملها ، لعلها اذا انا حملتُها لها بالغد تسعد ..
(( كل عام وانت بخير ، وعمرٌ في فعل الخير اطول ..))
كل التحية ،،،..


ظلال ..


وقفت الطيور في ثلاثيها ، علي الجذع الطافي من ذاك النهر وحطّت ، للراحة والاحاديث في سردها بالساعات فيهم قد عدت ، دائرة السمع لم تزل متوخاةً الا نحو طائرها الكبير ، ولكن الاصغر ما تاق الحين الا بصدد قولٍ هو له بالهام .

" صغيرٌ كنت ولا زلت في وكنات الطير صغير ، أجوب الجو والقول في قلبي يملؤ النهر الغدير ، يا بني الطير اني لكم بالقول جديد ، إن اسلتو السمع لي فحبذا الانصات البائن ، وان سخيتو الاعراض بفصاحه فإني لست لكم حينها بشائن ...
سكت صغير الطير ، وفي عيون من حوله للجواب نظر .
رد عليه كبيرهم متبسما: اذا .. يا منتوف الريش الاحمر فتحدث ..

قال محمر الريش حينها:
من سرد الحقائق ، في ذيعها ، في تندّي الكلام عند اكتمل الخبر ..
في انجذاب الشكوك نحو بيانها ، نحو الشروع في أحاديث لا تنشطر ..

قال كبير الطير : stop ، دون مقدمات..

من عَرُوض الصوت ، لصحبٍ في وجد السماء
من هدهدٍ ما برح القلب الا وانجذب له السمع وأربد ..
في قصة ما تناهت اليناع الا بشغوف فصولها
فالصحب في مقل الشوق والامل فيه بالزمان يزيد ..

سكسك طائر البوم القريب ، حينها مستغرب وقال : "في غيابه الاحلام ما زلت يا هذا تحلم" .
توقف الصغير وسكت وبالرأس انطوي ، ولكن الكبير اشار له الاكمال دون اكتراث ..
تابع الصغير :

قد حاكته الان شفاه قصةٍ وردية
لا تزويها هالة توقفٍ ولا جملة قصر جنبية ..
قد تمنته الحين رواية تضمه في ارجاء القص الجميل
ولكن القص ما جاد الجود الا بأملٍ والحب فيه يميل ..

قال الكبير له حينها :
تصدق الصحب عليك بصحبتهم
وانت لم تزل في غيك لهم تقدح ..
رموك بيناع الود وانت لم تزل فيهم
لا ودا ولا حسا يُري فيه تأرحج..
تضمهم في ارجاء قصةٍ وما عليك الا
بجزء تحصد فيه زرعا دون تبحج
فقولي لك في متل الموقف حينها
بأخوة تبادلها تكن انت الانجح ..
بظلالٍ يوم يحشر الناس فيه عراه
في وكنات الظل هناك تكون سعيد ..

25/1/2010
محمود

حنظلة ..


في وَلَعِ الرصاص ، الآزِّ(1) بصوته المتوقّف الان لبرهةٍ من الوقت ، من فوق الرؤوس .. هناك وسط الشارع ، في ذاك المنزل ، قد إجترأ الجنود خُبْثَهُم ، وكمِنوا في المرْبض ، حتي بدت حركات الشارع في هدوئها الرتيب في الصباح الباكر وأن تَدُب .
علي عتباتِ البيوت ، تلك التي بقربها الجدران تتلاصق ، تحضّر الصبيان للخروج وهاموا فيه الإستعداد ، أكواب الشاي الدافئ نحو ثغورهم الصغيرة ترتفع ، تُرْتَشفُ في عجلٍ ، صاح كبيرهم:
قد حان وقت الخروجَ للشرق (المنطار) يا صحبُ وقد حان .

تشابكت الانظار ، تلاقت العيون ، ببعضها ، محمدٌ ينظر وكذا صاحبه بالمثل له يتناظر ، لقوةِ النظرات منه لم يدع حنظلة الا وبالنظر المتبادل اليه وأن يسأل ، قال محدثا نفسه :
خلف العيون تتواري القلوب ..
يا صاحبي ما الخبر .. سأل حنظلة بالصمتِ محمد.
رد الصمت عليه فقال : قلبي ناقز يا حنظلة ..

بَيْد أنّ زاوية الشارع لم تَفِي لرأسه وان تحمي ، تفاجئ بالرصاص المسكوب من فوهاتٍ الجنود الغصّة ، تلقّفته رصاصةٌ ، تناطحتها الجدران بميلها الطائش ، تجمّع الصحب من حوله لينظروا فيه إثره ما الضرر ، رأسٌ مشروخ المنتصف حتي الخيشوم الصغير ، تبدّل الوجه في زيح لِثامِه نحو الكشاف المنظور ، نَاحَتِ الدماء بإنهمارها ، حملقتْ عيونه في السماء أنظارها ، سكن الجسد وبَرتِ الروح في الخروج لربها وسكنت ... قالت هُدهُدُ الموقف في وصف الحال : يا بُرهة الصبر للموقف تنزّلي ، بالام والصحب تزنّري ، وحوِّطيهم باترائك الكلمي .. فذا هو حنظلةٌ للعُلي قد ارتحل.

علي فيء الطريق هناك ، قرب النافورة ، في سِيْرِ الكلام الساكت ، ظل الصحب بالصمت الجالس فوق الموقف رابون ، بالفراغ قد رامو لأنظارهم الهيام ، قلوبهم تنظر لحياتها بسلاحٍ هو ذا الفارق ، جفون الصبر فيهم للاحزان قد لاحت بكشطِها ، قال رامي : سنظل بكفاف الحال نصبر كصبر أيوب ، مصابرةً نرْتويها من كؤوس كتابنا ، تتشربها أرواحنا وهي للجنان توّاقة ، فإما نصرٌ تعتليه الانفس بصدقها ، واما شهادة بفوز الاخري .

في حلول الذكري المؤرقة بتمامِها ، في انفكاك القيد ، وقرب انعتاق الفجر من رحم ذاك الليل الطويل ، تربعت اقدامه بضمها للأرض وتصلّبت ، جلس محمدٌ في محرابه بتهجّدٍ يدعو ربه هناك ويتذاكر ، مضت سنون العمر فيه بِطِيّها العشرين ، والموقف الاليم بكماله بين ناظريه متمثِّل ، طيْشَ الرصاص علي جدارن الشارع في منظرها تسقِم روحه الثكلي ، تسارع في الخروج من تلك الذكري خارج غرفته ، لاقَتْه الام بكوب الشاي حينما همّ في طريقِ الخروج ، تناول من اطرافها الكوب ، ارتشفه في عجلٍ ، فجأةً ... تسمّر فِكرُه ، فالموقف حينها قد بدا للوري برجوعه وقد عاد ، صاح هدهد الموقف الثاني في وصف الحال : قم يا محمدٌ ولبِّ النداء ..

رجع لسريره ، نظر الليل في ارتحاله من تلك النافذة المطلّة علي الفراغ ، وقد بدا حينها الخيط الابيض من الاسود في انعتاق الفجر يبان ، تنهّد بتنهُّداتٍ مسموعة ، وفي صدره زفرات الحنين للفوز هناك ، رن جرس الهاتف ، فإذا بالمتحدث له يقول : كن علي استعدادٍ يا محمد ..

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الآزِّ(1) : من أزيز الرصاص ، صوت الرصاص

انتهت ..
17/1/2010م
محمود






موفي النسيم ..


قد تجولت في بساتين المجد ..
وتراءي لي اطياف من أحب ..
قد إحترتُ لمن أقطفُ الازهار ..
ولمن أهدي اغاريد الاطيار ..
فما وجدتُ إلّا تلك الروح ..
....
فإلي الروح التي سكنت روحي ..
لذاك النسيم الذي هبّ في ثنايا الصدر فأنشاني ..

له اكتبُ ..
فكر الكلماتِ ..
وما زلتُ في أرجائه الحرّي ما زلت اكتب ..

(دعواتك يا امي)

انتهت
محمود
12/1/2011

الطائر ..


قال الطائر :
" وأَنْ تظلّ مفتول الروح يا هذا ، شامخُ الاركان بربك ..
تنظر لِما وراء الاحداث بخيراتها المكنونة ..
ولا تُثْقِلُ انفاسك بتنهداتِ الاحزان الشابئة بمنغِّصاتها..
ولا تَرُوْغ الا في أتْرابِ الاخلاص بعمالك ليومِ البقاء ..
حينها ماذا تكون ؟..
ولا نراك تُخرِج الكلام الا بميزان القلب الساكن فيك ..
ولا تَطْمِسُ اترائه بأحزانك الساكتة التي تدميك..
تُحدِّثُ الصمت السائد فيك بالخير ان يتكلم ..
تنادي الناي بصوت الفرح للغير ان يتجمّل ..
فإن كان فيك كل ذاك او بعضه .. فعش الحياة جميل السعدِ سعيد .."

في مروج الكلمات المخضّبة بحروفها ، من حركات النُّصِح المتجمّلة بمراتِبها ، الي مروج الآفاق المتزينة بالغيوم الساحرة ، قد رأيتُ الطائر ، وأجنحةُ الكلماتِ علي جانبيه ، قد طار بهما للافق وحلّق .
سكت الطائر في نُصحِه المسموع ، وثغر الكلام في قلبه للرائي قد بدي كالشقِّ كالمفتوح ، ألقي ما فيه من كلماتٍ وتابع في سمائه التحليق ، لاح ببعده عن ناظريَّ فوق سفوح الغيوم المتعالية بشهقانها ، كطير الاساطير قد بدي لي حينها كطير الفينيق ، عاد الصوت منه للآذان يتردد ، يقترب هو في بُعده ، فالصدي في وضوحه ما زال يعدو متكررا لي ويصيح:

" فإن كان فيك كل ذاك او بعضه .. فعش الحياة جميل السعدِ سعيد .."

وإني لكذلك إذ بي اري الطير في سفوح الفكر متنقِّلاً ، وإني ما زلت الان ها هنا ، وكذا يداي فوق الأزرار تَرْقُب لمْس حروفه المنشودة بِتأملٍ ، رأيت وَقع الكلمات من ذاك الطائر فَشَدّنتي، أَخَذْتُ ما قاله لي بعيون قلبيَ ، فتمثّلتُ الخبر الآنيّ بحقيقه دون تَمَلْمُلٍ او تذمّر .
قلت لنفسي محدثا لها : طائرٌ يطير بكلماته لهو عجبٌ كبير ، وإنبراشُ الأجنجة في اندثار الريش علي جانبيه قد ادمي قلبي بالمنظر المتصوَّر الحسير .. طيرٌ بإجنحة الكلمات !!! ، أهو طير الحقيقة ، ام جمادُ الخيال ؟.. ، سَكَتُّ حينا وقلت : ولكني لن أؤول بقليل الجهد المبذول للجواب ، حتي اجد بكثيره ما هو لي بالفكر مطلوب .
خرجت للهواء الطلق ادفع به الضجر عن نفسي ، مددتُّ الطائر في عيوني بمداد النظر لدي ، قرب أشجارِ الرمان صِرْتُ ابحث عنه وأتباحث ، فلعلي اجد عنده الجواب ، رُحت اسألُ وافتِّشُ عنه الفراغ ، اصيح في الارجاء بروحيَ قائلا:
"هو ذا طائرٍ بلا اجنحة بالعين المنظورة ، يَحُطّ الارجاء بكلماته ، وَعِزُّ الكلامِ فيه كلامُ الخِيْرة ، من رآه ضِمْناً فليكتبِ النداءَ في كتابِ الريح : أنْ الخبر عندي موجود موجود .."
إنتظرتُ تحت الأشجار ونظري في غضونها يتنقّل ، لاحت الريح بحفيفها لِتُنْبِأ الأرجاء بقرب الهبوب المترقّب ، تنبّهْتُ لها منتظرا ، فلعلها تحمل بن نسماتها الجواب ، ولكن الريح ما جائت الا بهبوبها العابر.
انتظرت حتي اتي الليل المدلهمّ بظلامه الدامس ، تَرَقّبتُ الخبر عن الطائر من أي شئ في الكون موجودٌ يتحرك ، بحثثُ عن بصيصَ نور اهتدي به لطريق الرجوع حينما ارجع .
سمعتُ طقطقةَ طرقٍ في الشجرةِ التي بقربي ، وإذا بصوتها في اذني يرتفع ، وكأني اري شِقّاً فيها يكبر بحجمه المنظورَ ويتسِع ، خَرَجَتْ من ذاك الشقِّ بِضْعُ فراشات طائرةً بأجنحتها ، تجمّعتَ في اقترابها من فضائي القريب ، قد كوّنت بعد حينٍ في إجتماعها كلمة لا غيره سواها ..
هالني المنظرُ حينها .. دققتُ النظر ، فإذا بالكلمةِ مكتوبٌ فيها :

"لا ترقُب الطير في أسئلة الرجوع ..
فهو طير الحقيقة في كلامهِ المَنْصُوح ..

فإن كان فيك كل ذاك او بعضه ..
فعش الحياة جميل السعدِ سعيد .."

انتهت ..
محمود
8/1/2011

البرقية..

"وصلتني برقية ، فيها من الوصف لي وللمدونة ما لا اجده حتي في كبار الكتّاب واشهر المواقع ، لذا ما ارتضيت الا وان اضع النقاط علي الحروف ، ليس الا من باب انزلوا الناس منازلهم الحقيقية ، وإن لا ارتضي الا بمنزلة فيها الحق يقال .. "

ثابَ إليه الرشد حيناً من الوقت في طي سطورها ، اطلّ برأسه من تلك النافذة الضيّقة بشباكِها ، نظر السماء في غيومها المُنفلِتة كريعِ الأغنام تتبعثر ، تسارع في الخروج من منزله ، فَوَقْعات الاقدام منه تَقْعَرُ أرضَ الفناءِ بصوتها المتغندِر، رمقته الامُّ في إثر الطقطقات بقولها: إلي اين يا ولدي انت ذاهب ؟ ..
في الطريق المتعرِّج بإنبساطه للمسجد توقف أحمدٌ وهو ينظر ، يداه تُطْمَس في جيوب السترة التي يرتديها، يظل بوقوفه السامد ينظر شفق الافق البعيدِ بالتفكير ليعتبر ، لحظاتُ الفجأة هالته بشهيقها ، فمن صدره المتفرّد بشجونه ، قد حسب الحين فيه ساعته كأنه بأنفاسه الخارجة يحتَضرُ دون تنبيه له او خبر .. تنهد ثم تنهد ، ثم تحدث لنفسه قائلاً :
"هي ذي البرقيّة وانا ذا انا فيها ، ولكني لأشك من اني لي الحقّ بِتَلقّيها ، فانا لست سوي كالحرف العابر ، لا ينْجلي بي العمر الا وأُدُثر دون جَمْعٍ فيّ او تشاور ، فأنا لست سوا كالحرف المُبْهَم في قحاف الذكري ، فإن رآني الناس قد فَطِنتُ الحرف ، فلا بدّ وأن ينشُروني بجمول الحسري ..
ولكني سأردُّ علي البرقية بكلامي القليل بعد رجوعي من قرّة الحياة .."
في صعوده المنزل ، من علي الطاولة ، في صحن البيت ، تناول شبه قلمٍ ، وبقايا أوراقٍ هناك ودفتر ، خطَّ السطر الاول بقوله : برقية برقية .. تابع في خطِّ الافكار فيها دون تجاملٍ ، فقال:
" برقية الكلام نطقت بسطورها ، بالنبر الساكت ، لا بالحرف المسموع ، المعاني في انبثاقِ نصوصها ترانيم صمتٍ خجلة ، الوجنات في مُتَلَقِّيْها تحْمرُّ بحُمرة الروح ، الأثرُ منها لا يُري إكتمالُ تمامه الا حينما يسري التمحيص له وضوحاً لظرف البيان .

وَقْعُها بالنفس له وقعٌ بالغ التأثير ، يستردُّ المتلّقِ الرد المخزون في قلبه بالتلعثم كالصغير ، يحتار بعفوية الكلمات بحثا للبوحه الصادق ، بِسَطْوتِها لم تدع للكلام السريع منه ان يمضي ، فكلامُه المنشود في قلبه لم يبِت في مرقده له ساعتها أي معني .

تابع الردّ بصفة الوصف للأخر عن نفسه فقال ..
لم يعي السطور بكنها الجميل الا بنورٍ من بين ثناياها وقد ظهر ، تعاهد فيها التكرار المتتابع مراتٍ تلو المرات ، سار بالامل النديم لها بقراءةٍ مسايرة الشوق في دربه للقمر، في مراتع انسامها الهابّة قد جلس ، تناول من حقبها جُمول الوصف والدرر ، زاد الاحمرار لروحه الكلمي متعللا ، تلعثم بالاخري متوقفاً ، متسائلاً ، هل انا ذاك؟ .."
توقف احمد ورد علي نفسه قائلا : لا يا صاحبي فأنا لست هو ولن اكون هو ذاك ..
إلي هنا .

انتهي
محمود..
4/1/2010م

هكذا تخضبت ..


(1)
تبدّلت السجيات
تغيّرت مفاتيحها
تأزمت الحركات
في قُفول الياليتنا

فلستُ انا الان انا
ولستُ في وجود الهاهنا
ولستُ في شُمول الوَجْد واعٍ
بل في مُكوسِ الجَثِّ حسٌ أُجتبي

(2)
تجففت العبرات
لبذخِ البكاء
تعدد العتبات
في قلبٍ شوي

إذا ما عز الكلام لنّصِّ تكاملاً
للروح في دروبها حرفٌ واحد
هو ذا الطنيب وفيه رجاءُ العابد
للروح في ارجائه خير الكلمات
وَلِنون النفس فيه اساريرُ الحاجات
هو ذا الكلام النقي المنشود في قولنا ..
((يارب لطفك))

انتهي ..
2/1/2010
هكذا تخضّبت ..

بقايا تنفس ..


شُذِرْتُ من نفسي في وطني وصرت فيه كالطير بلا جناحٍ في مهب الريح ..
شُذِرْتُ وشَذَرْتُ الناس من حولي ورُمْتُ في آبار التِّيه كالضّبِّ الشريد ..
شُذِرْتُ من نفسي وشَذِرْتُها ..
فآهٍ يا نفسيَ ويْحك.. ثم ويْحك .. وويْحي ..
ما بالُ خضوبي تتخبّط في اركان التحسّر وتنوح ..
في اللولاء تتمرّغُ اراها بترابِ السّقم السابرِ وبالحزن تصيح ..
(كل شئ بما كسبت يداي )
فيداي لما يبقي فيهما غير اصبعٍ معلّق
يُمسك الحِبر بطرفه وَيَسْرِيَ في خطِّ الحرف دون تملّق
يقول ..
فإلي الذين قد شَذَرْتُهُمْ بإجحافٍ اكتب كلمةً ..
فلعلها تُري بعيون الاسماع ولا تُداري ..
" لولا العفو ما وجد الجزاء " .. للنسيم

1/1/2010
بقايا تنفّس ..

متفرقات 2


شموس الهدي ..
يا أركاني التوّاقة لشموسِ الهدي ..
فإنفري ..
وتزنّري بذكرهم تلك الحدود ..
يا أيها القلب الذي في حبِهم صار اليناع ..
نباتُك المرجوِ
فيه التعطّش بغيابهم ينمو ويزيد ..
فالروح قد سقتك بدونهم بقايا حسٍّ آسنٍ
فما اغنتك من شربٍ
في جنباته ظمأٌ يذوب فيه الجليد ...
فساؤهم قد لاحت فيك متعنّتةً
متحاملة بقليلها
فصبّت أباريق زهودها بقلٍّ لا يزيد...
والأرض متبذّلة فيك رياض جمالها
فطِحت في مجاري الدمع بإنتباهٍ وشرود ...

هل ؟!!! ..
هل عشتِ الموت حيناً ، وتنشّقتك الزفرات
وتشربت الصمت سمّاً .. من كؤوس الوانيات...
هل شاهدت الشر خيراً ، وتأبطتك العبرات
متنهِّدا بدمعٍ سيأتي .. متيقظا لما هو آت ...
هل عاينت الجزع صبراً ، وتفقدتك البسمات
مقهقها ببشرٍ سيبكي .. من عيون العاديات ...
هل فاقتك الروح ضراً ، وتملكتك الحسرات
متعللا بدهر سيمضي .. مثل ضبٍ في البيات ...


انتهي ..
محمود الراعي
22/12/2010م

ألحان الريح ..


عازفٌ هو في صوت الريح للسمعِ بتتره يَسرِي ، حازماً الجأش بصبره عند هبوبِ التغبّر في زفراتها المحسوسة ، تعانقت الحانُه في إندماج الأثير الطيب منها ، تجمّلت نبراتُه في سُرادق النفير عند مرورها الجميل ، مستعدةً ألحانه لتنقضّ نحو الاسماع المتسلطة عليها بإفتراس ، فمقام الطرش في آذان السمع يندثر عند الإنصاتِ لها بإنزواءٍ شامخ .
تحت الشجرة ، وارفة الظلِّ، قد إستظل في ظلها راعِ الغنمِ الصغير ، جلس وراق له فيها عبير النور ، فوق الصخرة تري أقدامه تربعت ، تراخت جفونَ اليقظة ، واغلقت ابوابها ثم تصلّبت ، فنضوج النوم المحبوس قد بنان في سكونه بتحُّررٍ مثمِر .
تمايلت الريح في ردائه بالتحريكِ المستمر ، ناحية السقوط السلِس بكل إنحدارٍ الصخرة قد سقط الرداء من علي جسده النحيل ، وعلي الأرض استقر ، وصار حينها الراعي لكشاف الوجود السرمدي كشمس الضحي.
تنبّه لدَّمْدَمَة (1) الريح متيقظاً ، ناحية اليمين واستدار بردائه في الخصر بتحزِّمٍ ، تلحّف علي تلك الصخرة وشدد في إلتحافه ، ولكن الريح في زفيرها ما ابقت للنوم الهاني فيه من مرسي .
في الريح ساعة الهبوب وقد انتظر ، ساعاتٍ مرّت ثم تنسّم فيها املاً لما هو فيه تواقٌ ينْظُر. ريحٌ طيبة.. .
مد يده وتناول من برقعه قيثارةً ، تبسم لقطيع الاغنام من حوله في نظراتٍ قد حاكت ضَحِكاتِ الأفق البرّاق ، توقف وتنهد وعيونه مغمضة ، قد إلتثم حينها شهيقا مترنِّحا بطوله ، ثم ترك العنان لروحه لتتغني بقصائدٍ نبراتها شوقٌ بنرٍ مكنون .

بجانب النهر القريب وقفت غزالة ، تسمع وتنظر بلهفةٍ ، توقفت في إثر القصائد التي غُنّت ، بالصمت المتأمل للألحان المتعانقة بسرورها تجمّلت ، تراءت الراعي متربعا ، فصوت الاثير رمقته بعيون السمع المتفحص .
توقف العزف لبرهةً ، تسابقت الغزالة في الريح للنهر قافزة ، تمتطي الخفّة في جريناها عكس الريح ، موحلةً هي في تياراته ، متقاربةً من تلك الصخرة بإندفاعٍ كبير ، تزاحمت مع قطيع الاغنام بهمةٍ ، حتي لا يضيغ منها النبر الوالع .

تتابع العزف ، ثم توقف من جديد ، سحنةٍ من الوقت ، اعتدل الصغير ، تناول من قارورته شربة ماء ، حام بنظره في بطحاء الافق الآيل للظلام متأملا ، تناظر الاغنام في قطيعها ، شاردةٌ احداها خلف الحمي المعهود ، تتبع في خُطاها المسير ، اناخ بصوته الرنين سمة الاتباع فيها ، تبِعَتْه دون أي رفضٍ منها او ثغاء (2) ، تعامد بظهره للصخرة متراجعا ، فالغزالة حينها بجمالها اضحت للراعي الصغير متباينةً جلية .
هبت في ارجاء ذاك المنظر ريح صمتٍ جميل ، اقتربت الغزالة ، واحنت برأسها ، بتحيةِ اللقاءِ و قالت:
روحٌ تتغني ..
بقصائدٍ فَحولها الشوقٌ المكنون ..
ارقطنا بشوقك يا ايها الذي شوقُه له اسباب ، والسبب يُذْكيه المصدر ، والناتج يبان في خلجات الروح عند فلتاتها ، فالروح بك الان تتغني ، فأثرِنا بالوصف بما انت فيه يا أيها الراعي الصغير.
قال الصغير:
أيتها الغزالة السائلة .. من على خاصرة الافق ، المتراقص ببهائه ، بالجمال ، وبكل مكامين الحسِّ وبمدلولاتها ، قد امسكتُ بما في ثغري من كلامٍ , وعقلته بقيثارتي التي يباين تترها كسلالم نحو القلوب ، فتمتزج في مرور الريح بصعودها ، فتصير الحانا فيها شوقٌ للغائب الطيب فتخرج الالحان يانعةً فيها كلمة .. نحبهم .

أيتها الغزلة الندية .. عندما يلوح في سمائك ريحُ خيرٌ مفدي ، يسعد فيه قبلك، وتنظرينه ببشر متفائل ، وكأن الدنا قد صارت ملكك ، فتسِيحين فيها مطمئنةً ، تتوقين بدوام الحال الذي انت فيه بإستمرار، في الصحب ، في وجودهم ، وعند يقين التلاقي هنالك ستبزع الشمس بإشراقها النديم
أفلال ينبت كل ذاك في روحك شوق له تترٌ عامر ؟؟

انتهت ..
محمود الراعي
24/12/2010م