الأحد، 31 أكتوبر 2010

مراسيمٌ وعادات ..


سيقفز كقطٍ من فوق مركبٍ يغرق ، وينهش بعنفوانه قرش الحذق بشراهةِ بركانٍ متفجّر..
سينْخِر الصخر بانامله ويبحث عن حياةٍ لربما تجاربها تَنْبُتُ فيه فُرصاً بعيشٍ جديد ..
وعبثاً يحاول التفلّت منها وكأنها تأبي الرجوع به او التقهقر، زجّته في تجربةِ الرّهافة ، فظنُّها قد استحكمته بعزلِها لفراغ حيلةٍ دبّت في اوصال مآخذه فأصبح في نظرِها ككوّةَ لعبٍ مطاط .

كالبِنصر هو في صدر العائلة ، فهو المحموم في حلقات الاوامر التوارثية ، كالنار هي به تتوقد ، تعصف بشررها في كل اركانه ، وقُودُها يُذكي بسطوّ الرتابة السرمديّة ، يتنشّق الحي فيها غصب البذخ بشعوره السادي ، فجُموعَ الإحساس في جنباتها صنمٌ يتأبّاه حتي السقم المؤقت ..

كالقط في ابحر المجهول سيلقي بنفسه ، الامواج تعلوا في شهقانها حدود أمراسِ ريحٍ عواتي ..
فهو لا يملك في العائلةِ الا حدود أنفاسه الصامته ، فالجهر ممنوع ، والخروج عن شور العادة امرا مقروح ، وإنحدار المراسيم في إنتهاكها جرمٌ ينِّبُه حتي الحجر ..
قال صوتٌ من بعيد : ولكن الحذر كل الحذر ممكن لا يملك شئيا كي يفقده ، فكثر الخضوب في حملها بالنفس تنوء بسلاسل الحذق شر انفراط .

خرج وسري في اوج الليل مُروِّحا عن نفسه ، اوقفته خادمة البيت الكبير له قائلةً: ممنوعٌ ممنوع ، تابع في سيره المسير ، نظراته للحول كحمائمَ حائرة ، جمالٌ تراآ له في الافق البديع ، نجومٌ تتراسل النور في صمتها الراهف ، قمرٌ يحاكي المنظر في تدوير اللؤلؤ في انعكاس النور ، توقف حيناً وقال : سأختلف ..

انطرح وسار في هيام الطريق بسراحه اللافت ، جلس قرب الحدود ، وإنحلّ بفكره متوحدا ، عساه يُلقِي اليه بحلولٍ منقذة ، فكر ثم فكر فأناخ له رحالُ التفكير افكاراً كأنها النوقُ الحُمر.
قال لنفسه : خرجت وانتهكت المراسيم في كلِّها دفعة واحدة ، وانفتلّتُ في البوادي كظبيٍ حُرٍ آفاقه المجهولة في زماننا لا تهون ، رفستُ الأنعمَ في كل تجلٍّ للمادة النفعيّة بي من الان ، وإرتضيت بروانق الروح في خِضمّها الشمس علي الدوام بي لا تغيب ، فالطور بيَ الأن مختلف ، لن تَحُدّه انفاس نفسي التي كانت علي الدوام مسجونة ، فالكون كل الكون لي مسرحٌ أراه بروائعه بي كالمستقبِل المتأهب .
لا تترامي أزمّة الأمور في روحي بالغير له التحكيم ..
لن تتشردق المراسيم في عوائدها ببخل الاحساس بي كالضنين ..

فلو خرجوا ليتباحثوا في امري فأنا المختلف ، والفكر مختلف ، والحس آيلٌ له التغيير ، فتغييري هو ما ارتضاه لي العقل ، وانشرح له فؤادَ الخير ، وأتمّه دعاءَ بِشرٍ معهود . فتلك العائلة وانا هو انا ، فدنو الانا في مراتع الرضوخ له صمتٌ كصمت القبور ، وإنحسارها في ألحُفِ الكتب الرتبية يُتَمِّمُه قتلٌ كالقتلِ الرئيف .
إن امسكوا بي فحدُّ التغيير سينسلُّ في وجوههم بلا توقف ، وإن توقّدوا فيّ التبديل بما ألِفتُه فحان حقا فيّ الموت الزّعاف ..... سأقفز كالقط ... وحينا لا بد للراحة بي ان تسير ...

انتهي ..
محمود 27/10/2010

الريح القادمة


جِمَالٌ بهوادجِ العشقِ أُنِيْخَت ، قرب جداول الاحساس الهادي واستراحت ، تَنَادي القوم فيها أن هلموا الي مراتعِ حبِ الإله الكبير .

ايا ريــــــح الشمال بـــحدِّ الإشفاق بي ترأّفي
أراك في صمت الافواه بصريرك بي تَنْخُرِين

بحد الــــفناء اُجْــلدَ فُتُحْبَكَ فيكِ زُلــومَ كِرّتـــي
فتمام الجزاء بي املٌ تلوح فيه سريرة التمكين

وتخبوا في الحياة ذنوبا فيها تمائم حسرتي
وتعلوا ترانيم الهدي بطنينها كالآسر الامين

سلكت طريقا وُلِعْتُ فيه بجهلي يإسترقاقٍ مقفي
وخير الطرق في جُمولِها ناداتني بصوتٍ حنين

قال الطريق:

إن حبوتني بشهير الاوقات فلك مني تِرّةً
تتأتّاها بيومٍ تري البصر بشخوصه كالضنين

وإن إزلتني برواد الإعراض فلك مني وخزةً
تتلقّاها بفطرةٍ إزِفت مستقرها بقلبك النديم

تشبث بشذي الكتاب الأسمي فذاك وقودُ معزّةٍ
فالمشكاة في ضيِّها تشحُّ النور إن مسها التقنين

انتهت ..
29/10/2010

قال احدهم (2)..

قال احدهم ذات مرة (بلسان الحال) :
الإبتلاء ..
الإبتلاء ليس جواز سفر ، والصبر ليس مضمار خيلٍ عندما يُري في بدئه خط النهاية ..
الإبتلاء ليس جواز سفر عندما يُري الشر نتاجه، ولا تعدوا فيه النفس تفحصا لطرقٍ حِقبها خيّرة ..
الإبتلاء ليس جواز سفر عندما نري تفرّده متوحداً ، فجمعُ المتفرد فيهِ كل الجواز إن أدّي فيه سببٌ من أجله وجدنا ..


نفوس قوية ..
كم من عيدانِ ابتلاءٍ صُفّ علي رفوفِ الحس فيها ، تعكرت فيها صفحة العطاء حينا من الوقت ، حنّت في اشتداده لريح الخلاص المؤقت ، ثم ما نراها الا قد كُنّت فيه بعد حينٍ كالصخر الجلمود..
ما أزّ الصعاب فؤادها ، تفنّدت اخبارها في حواصل البِشر ، تشاهدت فيه برجعةٍ ملؤها صوت جميلٌ ..
كم اُوعِز لها عند الحدث بتترٍ فاغرٍ فيه الصبر يقول: (ربنا المستعان) ..
ثم ما نراها فيه الا وثارت فارعةً فيها الروح الأبية ..
لا تثريب عليها إن بُلّت اقتاب الابتلاء فيها علي حبل الظهور ..
صفاتها الخير يَسْرِي..
تتلُو فيها الايام تراتيلَ معانٍ وخصالٍ سامية ..
تلك امي نبع الصفاء الجاري ..
وبئر الوفاء الشادي ..
ونهرٌ من حنانٍ يجري نحو بحرِ الحب المفدا ..

فتلك امي..
" فأنا وهي واخي الاصغر في الخطب متساوون "

في تشابه الايام ببردها وحرها ، في فصول السنة المتسلسلة بتتابعها، قد رأيت فيما اخاله احلامٌ فيها الاتي ..
لن اعود كثيرا للوراء ، فحسبي ما انا فيه في الوقت الحاضر ..

طيفٌ اول (في المنام) ..
"طفلٌ تحت شجرة يلهو بحبلٍ يمتد بنحافته حتي ينتهي نزولا بوثقه الثخينُ لشئ ما ، كان الموثوق يشبه القنبلة ، صِحتُ بالطفل وقلبي فيه اطمئنان : كن علي حذر يا فتي ... وإستيقظت .."""""
خرجت في صباحي الباكر للعمل : طفت مكاني باحثا عن ما احتوي فيه اشيائي المتبعثرة ، رأيت حبلا ... فتوقفت وتذكرت الحلم وما به من قنبلة موثوقة ، ولكن .. سري في قلبيَ اطمئنان غريب ، شددت الحبلَ فكانت المفاجاة .. صورة تتكرر كما في ذاك الطيف ..

طيفٌ ثاني، (ليس في المنام) ..
كتبت في تاريخ 8/9/2010 موضوع ( كان كما تمني ) هكذا خُيّل اليّ الموضوع وقد احسست بقربه في الحدوث ، ولكن بعد حوالي الشهر من ذاك التاريخ قد بان لي الخبر جلياً في ظُهر الخميس المنصرم .

طيف اخر (في منامي) ولكنه ما زال مجهول ..
" خرجت ساعة الظهر في حاجةٍ ملحّة ، تفاجئت بنفس الطفل الذي رأيته في الطيف الاول ، يجلس في سيارةٍ فارهة ، ولكنه أضحي بعمرٍ اكبر ، اكبر بكثير في طوره الثلاثين واكبر، القسمات كما هي ، والشعر كم هو ، وحتي الملابس، لكن الملامح اكبر، نظرت عيونه فأسْبلها بنظرةٍ لم اتوخى مُرادها، ثم رفع لي كفّه الايمن والقي لي بمفتاح ثم اختفي .. واستيقطت .."
وما زلت بترقبٍ انتظر ..
وربنا يجعله خير

إنتهي كلامه وصمت ..
بقلم / محمود الراعي

قال أحدهم (1) ..


قال أحدهم (بلسان الحال) :
إختلاف ..
لاذني بالصمت حتي صار بي سمةً لا تفارق ..
اوقد في قلبي صوتاً رأيتُ سلالمه المكتوبةَ تفوحُ في رؤياي عند المنام ..

غدا ستُكشف الستر ويندلع في اقتابها نار الخروج كترانيمٌ ودسر ..
هناك في سنون الماضيَ التي ولّت ..
( شمعٌ يتقطر ، وسماءٌ تتفتح ، وتشابه طفلٍ بآخر كرجلٍ رشيد ..)
اقُحِمت سماء فكري بغمامةٍ مرئتها تُخفي في أواسط الماء الذارف فيها وكزة ..
أولها ..
(تقريبا قبل حوالي 11 سنة..)
" امسيتُ ليلي والصغر بي في حداثته متوحماً بحمي شديدة ، توكأتْ أمي بالفراش عند رأسي، تُتَابعُ لي حال التبريد الساري لي بترقّب ، فلم تتلقي فيه إنخفاضا الي حدٍ مطمئن ..
نظرتُها في حِيرتها تتكلم ، اُوْقِظ والدي من نومه ، ثم ركبنا قطار الوقت في إسراعه الواثر ..
سويعاتٌ تمرّ والحال يشتدت بي كعاصفة تتبجّح في هبوبها وقلبُ امي فيها كمركبٍ وتحن فيه بي الهدوء..
هكذا فجأةً زال الخطر ..
رجعنا البيت وارتميتُ علي فراشي ، وانتصر سلطان النوم علي جنود اليقظة التعِبة ..
وكأني في عالم مختلف ولكني موقنٌ بحسي من أني في مدرستي الابتدائية ..
الوهن اجلسني عتبةَ السلم الاول ، صعدتُّ بصعوبة ، وصلتُ قمة الدرج ، نظرتُ الكون من حولي احمراً محمراً اري فيه الخوف السابح .. الطلاب ،الجدران ، وحتي ما أخالُه في نفسي تخيّلاً كله بلونٍ احمر ..
وصلت قمة الدرج ، توقفت وسار القول بي حينها : الي هنا وسأستريح ولن تكون لي قدرة علي المواصلة ..
فجأة شعرت بهزة في قلبي اوثقت نظري للأعلي ، رأيت شخصان يقفان بقربي ، الحس بهما في نفسي انهما مرأيان ولكنّ وصفي لهما لا ينجو من مخرج ، ناداني احدهما بأسمي فقال : فلان ، فوقفتُ دون أي كلمة ، كانت في حوزتهم شمعة مُضَائة ، وكأني تنسّمتُ في وجودهما صفة الاطمئنان السادي ، لا خوفٌ يخالطه ابدا البتة ..
مدّ الشمعة لي وقال دعها تتقطر في لسانك نقطة واحدة ولا تخف ، فعلتُ كما أسدي لي من قوله...
ثم سري هبوب ريحٍ بصريرها الهافي ، صُنّ فيه سمعي فوَثِبَتُ واقفا من جديد ، رأيت اللون الاحمر قد تبدّل الي شئ لا يمُتُّ للألوان بصلة ، لكني رأيته مختلف ... ما هو وكيف ولما هو بي ... فمِن هنا بدأ السؤال المؤرِّق ..

خوفنا من الظلام ليس من الظلام هكذا فحسب ...
بل الخوف نابعٌ في ما يتواري خلف الظلام الحالك ..
كم رأيت في منامي؟ او كمْ حلمت؟ او كم رأيت في يقيني من أشياءٍ احِسها في داخلي إلا وورائها شئ..

تلك صور وكذا هي الاحلام وتلك هي رؤئ ..
منها ما رأيتها كعيان الشمس ومنها ما يتواري خلف غيومٍ فيها ظلام سائد ..
ويا ليت الخلاص في طريقه بي يوقد ..

إنتهي حديثه في الكلام وصمت ..

بقلم / محمود الراعي

الأربعاء، 20 أكتوبر 2010

حِيْرة ..

تحار بنا الأفكار في مسكنها الرقود ، تحنّ الي شرفةٍ يتخللها منظرٌ خُطّ بقلمٍ فريد ، تتعلق بكالوب التدوين الشاغر مرةً ، وبإخري تتدلي بسلاسل النسيان الدائم المُهتّك .
قد تدفعها خضوبٌ فيها حداثة ، قد تغشاها فرحة ملطخةً بزيفٍ مخدر ، قد نتوق تذكّرها في حاضرنا فتُسلم لارواحنا عند الاحداث المتشابهة فينا البواح .
هي تحار وكذا نحن فيها بالامر نحار ، وما بين حيرةٍ وأخري أسئلةٌ في الافق نراها سابحةً كالطير الجانح .
أتُري نتوكُّؤها في خلجاتنا جُنح الراحة المتروكة ؟ ام نتنغّصُ في حيرتها الكلمي ببحرِ الحياة الذي نحسب الخِضمّ فيه حزنٌ وشجون ؟
لا نملك الا ان نقول لكل مقامٍ مقال ، ولكلٍ دوافعَ نسترقّ فيها أفكارنا بكلتا شقّيها ، أفكارٌ تتواري في عباب السكوت الساريَ المؤقت الي وقتٍ ولا بدّ لها من بروزٍ في يومٍ هصور ، وأخري تندفع ظاهرياً في سيارةٍ فَوَارُها حَدَثٌ نراه علي الدوام فينا لا يهون ، فنتائج الافكار في شقوقها العملية لا بد لها الا وأن ترتطم في بحر الحياة بموجٍ نري الفكر فيه يلتحفُ بحزنٍ الي وقت وحين ، ولكن شمس البيان لا بدّ لها وان تشرق..

فذاك احمد قال فيه ذات مرةً :
كم اشقيتنا يا بحر الشجون ، كم أقحمتنا في خضمِّك بكل آفاقنا الوجدانيةَ ونحن لا نملك في شطآنك أي طوقَ نجاة ، أسبيتنا الروح ، وغنمت فينا القلب ، ونلت الانفال بغير جهدٍ منك فينا يذكر .
كم أجريت السهر في عيوننا كنهرٍ يجري ؟ كم بخلت الهدوء في أسماعنا بصخب الأمواج فيك كبابِ الضوضاء علي
الغارب مفتول.
كم فرّقتنا والاصحاب في مضجع الاشواق عند سراحك مُتكِؤون ، قد نقول ضرورة الزمان ، وحِقبةً لا بد لها من أركان ..

أطرق احمد رأسه فتابع فقال : نظرتي قاتمة ، فلماذا هي مثل ذاك؟ ... كنّا او ما نزال صغارا ، فشبابا ، فآباءً ، فجُدودا ، فالموت ينتابنا حينها فجاة ، ولحاف التراب ينسلُّ في أنوفنا علي الدوام فيه بتِرّة ، ولا نملك لأنفسنا حينها ضرا ولا نفعا، الكل فيك بأرجاء الكون يسير ، ونحن كبغبغاءٍ نتلو الحزن بصوته الشخير ، الفكر فينا يأس التنوير المُلزم ، قد سرنا
بزهدٍ في كؤوس البِشر منه ارتواء ، وظللنا ببيارق التيه تائهون... فلماذا يا بحر يسري بنا فيك كلَ ذاك الظنون ؟

تدخل البحر متبخترا فقال : قد سألت ونفسك بالإجابة تفُز ، ولكن الشئ الدامي فيكم هي إرادة التفكير ، بحثتم عن افكارٍ تسرّكم فأصابكم الفتور ، أوفدتم الطرفة بفكركم مسلكا فرأيناها بكم متتابعة علي الدوام لا تنقطع الا بمللٍ حسير ، ثم نري الحزن فيكم ببراثينه متجزّر..

سأنشدك القول الفصل يا احمد : الافكار يدفعها شئ محدد ، شئ يتعلق بالموجودات الحوليّة ، تُقتنصُ ببنادق الارادة
القوية ، تدفعها غايات وأهداف صحيحة ، مرة تتلوها المرة ، والتحسن لا بدك له وان يشرق بشمسه فيك ..

كنتم كما الماضون كانوا ، ولكنكم ما زلتم بالروح تتنفسون..
هم دثروا في قحاف السنين وانتم في لحاف الحاضر نتبرقشون..
تمتلكون فرص التفكير وهم فقدوها ..
تمتلكون الأمر وفيهم الأمر قد أُخرج من أيدهم ..
ولكن الباقي لكم فيهم هو صحيح الافكار الخيّرة ... فاغتنموها..

انتهي ..
محمود الراعي ..
17/10/2010


السبت، 16 أكتوبر 2010

أيام ..


للايامِ نَهَمُ الشري في قضم العمر فينا بضراوةٍ شرسة ، تنْفتِلُ من بين نواجذها قِطَعَهُ بتجزّأٍ مبتور..
تنبرشُ بتأثيرها فوق دقائق الثواني فيه كَبَرْشِ الجالس حول مأدُبة الجِياع ..
تحنّ السويعات الفانيةَ فيه الي حالٍ أفضل منشود ...
وآنّا ذلك لها من تأتٍ راجع ..

أناس ..
أناسٌ ينظرون المبتور في تناثره بفحصٍ مُتفاني..
فالوقت فيهم قد سار كسيفٍ قاطع ..
وأناسٌ آثروا الايام فيها الاعراض لغفلةٍ سرت في كبد الحقيقة عندهم ..
فأُردِف لهم سيفٌ بكل ريعٍ بقطعٍ فاغر..

كالحياة..
الايام كالشّموع المُضائة ، لا يمضي فيها الوقت الا وتنكفؤ بإنطفاءٍ بغير رجعة تالية ..
كالحياة هي ، بل هي الحياة بعينها وإن تعددت فيها المترادفات ، فالسير في ممراتها حالك الاوصال ، والاحداث فيها كالريح الهبوب ، الطريق طويل والعصف عاتيٌ مترنّح ، والسير فيها يحنّ الي صبرٍ سماته التجديد ..

تتابع..
فيها حدائقٌ بشجرٍ منثور ، فكذا نافع وجلّه ضار ، فإنتشار الضوء الهارب من مشكاة الشمس الطافح عند كل صباح ومساءٍ يلُون في كثيفها بخضوبٍ مهُولة ..
الاحداث لها فاكهة بكل ألوان الطيف تُري فتُراعَ وتثمر حتي ما يأتي عليها وقتٌ الا وبطعها المكنون تبان .

عمر..
غدا ستسحب البسط وتطوي وتركنُ في أماكنها كما بُدء فيها البسط اول مرة ..
عمرٌ يبلي ويمضي ويهتري ، وعند إهترائه سنرقب التراب في انوف من إشمئزت السماء في مرآهم فركنتهم بِدُنُوّها الي وقتٍ حسير ..
عمرٌ يسير الهِرم فيه بالتتابع ، وما بين صرخةٍ دوّت عند اشتلاق المولد فيه وبين نزع الروح وما تحتوي من سكراتٍ فاتنة ، تنطرح السنين في تفكير الفرد المطروح كالشريط العابر ...

قالوا ..
هناك علي سفوح الثّريا تراء العمر كعمران متناصفات ، احدهما مضي والاخر ما زال ينتظر المُضيَ المجهول ..
توهجت نجمة الوقت في احمرارها اللافت .. ذاب في إثرها شمعٌ المضيِّ في قناديل الحاضرِ المطبق ..
حينها تُوخّي الكون في أرجائه فيهما كمكتوبٍ (سننظُر حكمتك فيهم يا قدر)
جاء القدر ، وأفرغ ما في ديباجه ثم إندثر ، عيون نحو السماء تترقب ، ونفوس في شوق التلاقي تتهيد ، والكل في سيّانه في الحال مشغول ..

قال العمرُ الماضي:
مضـــــيتُ وما تراني الا و قد بُليت ** فحسبك بي عبرة علي الدوام يا حاضر
قد أُفْنِيَت الساعت فيّ الي حتوفها ** فـــفاجأتـــني الفـــجأة بغـــير منبــهٍ بي يشِر
قال العمر الحاضر :
سأنظر المضيّ فيك بتحّقُقٍ مرهوف ** فَتَنْتَشَي علي إثره الدقائق بشغف
إن سرتُ بخير في الزمان فتلك نعمة ** وإن كانت الاخري ففيها ذلٌ العبر

انتهت ..
محمود
13/10/2010

الثلاثاء، 12 أكتوبر 2010

ومضات الذكري..


إنْ كنا نكتب او نرسم او حتي نغني ونرقص للاشئ هكذا فسحب ، فهذا زيفٌ ساخر ..
إن عشنا اللاشئ هكذا لمقتضي العيش مسايرة الحياة بموجوداتها فكون ذاك هو الموت المحقق ..
انسان ما ، فكرة ، او حتي حقيقة لها القلب يترقّب.. فثمّة مخبوئةٍ فيه النوايا بالاعمال تتواري ..

وككل الاشياء في مُنْتهاها تتأصّلُ الذكري بفريدها في العمر ابد الحياة ..
تتشبّث متلازمة الاحساس في حدوثها للشئ بتلابيب الشاهد المقرّب ..
علي ضفاف التل ..
ومن هنا وعلي خط الافق في مرمي ناظريَّ لمشهدٍ يفتَتِن بمرْآه ساحر الجمال قد نظرت ..
أوقفتني سحابةٌ بظلها ، اوقفتني فرأيتها تتقطّر وميضاً بتناظُرٍ تليد ، اسرحت فيه خيالي ، امسكته فوثّقتُه في وترِ التدوين لديّ ، ثم عَقِلْتُه بوتدِ الكتاب حتي تجزّأ في بزوغ الفجر لثلاثة أشياءٍ متجزّة ، نظرتُها متجمّعةً وما آثرتُ النظر فيها الكل الا بهدوءٍ تام ، وصَلتُ البيت والقمرَ اضحي نورُه موتور ، أزَحتُ الباب بيدي فَفُتح من غير طرقٍ ، أدرت مفتاح الضوء بسبّابتي ، صعدت السلم بخفةٍ لم أكن لي عهدٌ بها حتي اهتديت الي غرفتي الفذّة ، تربّعتْ قدماي علي سريري، ثم وَخَذْتُ وتري بصمتيَ فَتْحَاً ، وكذا آثرت التجمع في ذاك الوميض كالرائي به شريطاً بنوره لروحي يسْرِي ..
توقفت ، تعجبت ، تأملت ..
ومضات ومضات ومضات .. تفاجأت بهن ، رأيتهن كشرانق تتفتح فتخرج منها صورٌ وكلمات ..
الهي ..
فراق وأمل ، وقلوبٌ ترتحل ، ونفس تتوق لراحةٍ ابدية ..
كيف ذاك ..
" طفلان علي مفرِق الأحداث يُغنّيان اغنيةً تترُها رونقٌ حزين ، يتيمان الاب هما ولكنهما من امهاتٍ تختلف ، امسَ الطفل واخته ممسكان ببعضهما وسارا في عباب التتر في ليلٍ خِضمُّه صخبٌ شخير ، تمسّك الطفل بإخته ثم تابعا في حزنه المسير ، وصلا البيت فتحسسا فيه الاهل هائمون مستعدون ، نادي فيهم المنادي : قد ازف الرحيل فكن علي استعدٍ يا ثائر .. ومضات ومضات ومضات .. هكذا هو الوميض إذا ..
انتهي المشهد دون آخر ، ثم استراحةً ، لكنها بغير نهايةٍ خاتمة ..

ا
كْتبُ سؤالا ضاغطا بقلبي ويا ليته بالرد احِسُّه
هل النور للكفيف بحرِّه من حِسٍّ فيه الشعور يبان؟

إن كان الحرُّ به يسري مُسايرة الدفئ من برده
فالنور حينها في خياله له مُتَرَاآ بوجوده المزران

خيوطٌ آثرتها في دفتري واصبغتها سمة التجمع حينها
كحبكةٍ حُبكتْ الا والشبه فيها الحدث يفلقُ الصوُان

نحن ذكري ولكن النسيان بنا في شمائله بنا يسطو
وما كل ذكـري ببــاب التناسي فيها الاركـان تُهان


القلوب لا ترتحل من جذودها ..
تبقي ما بقي النور من شمسنا طافح ..
يكتب بأديمها الحانُ سلالم نوتةٍ لذكري فاخرة ..
ولو ارتحلت هكذا سنخوّن الذكري اذاً فيها ..
اليقين بنا في تلك القلوب يترنّح بريحه للأفق عندما تنادي: أنا ظلٌ قريب قريب قريب ..
سننثر حكايا طير سابحٍ في جو السماء ..
لا يغدوا ولا ترنو فيه روْحة ذِكْرٍ الا ودعاءَ الشوقِ به يأسر النورسُ الجميل ..
هنا كانوا وقرب الوادي تنسموا هبوب آثيرٍ ربما هو مختلف ..
الانسان ذكري ..
لا ولن تنتهي بعد ....
محمود زهير الراعي ....

..........ومضات الذكري" ...
8/10/2010


السبت، 9 أكتوبر 2010

الإستقرار ..

يُثْبِتُ النهرَ في جريانه و الحياةَ في سيرهما الأزليَ في اتجاهٍ واحدٍ انّ هناك ثمّة تشابهٍ مختلف ، اختلافٌ في الانسجام المستوحي ، وتشابهُ الاتجاه المسلوك ، ولكلٍ فلسفته التي تتوافق مع ماديته الجمادية او مع فطرته الأزلية ، لكن المهم فيهما ألّا يخرّ الإلتباسَ ببراثينه فيهما عند أي عاقلٍ مفكر..

في النهر ..

الحصي تتفاوت في مرورها فيه ..
منها ما هي مشرومةٌ فيها الزاوية ، تسير فيه هنيةً ثم تتثبتُ به حتي تقضي جُلَّ وجودها في مستنقع كنّه الركود الي وقتٍ وحين ..
وآخري راسخةٌ في مكانها ، فالحجم فيها كبير ، لا يحرِّكها جريان الماء بقوته الا في زلازلٍ او ما تتشابه معه في ظروفٍ فارقة ..
لكن الغاية في الجريان هو الوصول لغاية اسمي .. ( الإستقرار )

في الحياة ..

الناس تتهافت في استعجال الحوز منها ..
فيها اناسٌ مقصومٌ فيهم سموَّ الغاية ..
يتثبتون في بيداءَ الوقتِ المقتولَ فيهم دوما ، وحين التصلّب عند حد السيف منه لا ينفع لهم حينها الا نُواحٌ بجلل ..
وأخري منحلّةٌ في عقود الوثق فيها، لا يردعها الا موتٌ يشوبها في ظروفٍ مفاجئةً تلوح وقد ادمت فيها المقل ..
فالغاية فيها متناساةٌ مفقودة .. (الاستقرار المستمر )

فالأنهار في سيرها والحياة في تشابهٍ مختلف ..
قُدّر لهما هكذا السير ، العمر بتحولقاته النديّة قد سري ، الشمس في بزوغ الغروب فيها تترقب يوما كنّه حسير، القمر في خلالها متحرزا ضوئها المنفلت في عجلٍ سابحٍ لرده نحو قدرٍ خطه قلمٌ في لوحٍ محفوظ ، الغاية فيه التنوير ، فالشمس لو تمنّعت في طلبه لرأينا حينها التبديل ..
فالغاية السامية لا تتحري أي وسيلة ، ولا تنتقي في اسمالها الا الفضيلة ، كل ما عليها الا التحقيق المراد الجازم بها ، فتترجَم جزافا بحروفٍ وكلمات ثم افعال ..
لكن الضمير هو المراقب الحقيقي ..

أنتهي ..
محمود الراعي
5/10/2010

ضريبة ..

نحن في الدنيا كأنا في مِقصلةٍ ارجاؤها مقسّمةٌ الي ثنايا وزوايا ، نتشردق فيها هنا وهناك ، الطور فينا مجزوم بما نخُطّه لانفسنا بمتضادين (1) ، وعيدان الحصير من جُعَبِنا ما اضحت الا وتنفذ حتي نراها يوما ما كفراغٍ سقيم ، وما السقمُ فيها بالجسد الرامي بنا الفراش ، بل الروح في سقهما تكون اشد لوعاً واكثر من ايلام .

فالمعضلة ليست في المرض او السقم بعينه المبصرة او العمياء ، بل ان المعضلةَ هي ان نرتضي بدوام السقم فينا ، لا نشحذ لو بيسير الهمة فينا نحو الخلاص به المنول ، وكذا البحث عن العلاج اول سبل الشفاء المتتابع ، ثم حتما ولا بده من ان يتلوه الاستقرار في الدنيا وتتابعا به في الآخرة ..

نبحث إذا عن الاستقرار ..
وبالاحراي عن السعادة الابدية ..
لتلك السعادة ضريبةٌ لا تتم الا من خلالها ، متوارة في نفوسنا وحتي في سبل التفكير العادي فينا ..
فالتفكير فينا له حقائقٌ يسير عليها بخطاً ثابتة حتي ولوج الطريق التمامُ الصحيح ..
حقائقٌ تعرض فما لنا فيها الا التفحص الوافي .. ثم ما نلبث الا ونري لتلك الحقائق قوانين ملزمة بتحقيق النفع منها للروح قبل الجسد ..
فالقانون ما ان سيرناه فينا بتطبيقٍ مترامي به الحقيقة بعينها سنبلغ حينها ما كانت فيه النفوس باحثة عنها قاصدة ام لم تقصد .. ويا حبذا لو كان عن قصدٍ مورود ، فالنتيجة حينها ابلغ في وصل الحقيقية للقلب بهنا ..

لكن الامور هنا تحتاج منا بذل طاقة للوصول الي مرادها ، فالقمصان لا نرتديها هكذا جاهزة من علي نبات القطن كلٌّ حسب مقاسه ، لان الشئ لا بد له من عملٍ وتفكيرٍ صبرٍ عماده ان الله مع الصابرين ، ثم يقينا سنتحسس أنّا قد أقتربنا من قمة السعادة في طريقنا اليها ، لانها ثابتة متربعة والحوز منها منال كل باحث طنيب ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)
"فما اصابك من خير فمن الله وما اصابك من شرٍ فمن نفسك "
"أنا عن حسن ظن العبد بي فليظن بي ما يشاء" صدق رب العزة في الحديث القدسي

......................
محمود الراعي

الأربعاء، 6 أكتوبر 2010

السؤال المتمرّد ..

"ملاحظة الصورة هي تصوير الاخ المصور محمود ابو حمدة"

ايها الناظرُ في ديباغ الذكري لمارّين فوق حصيرنا بالحزن تريث.. فالمنظر ما عاد يُجدي لك أي نفعٍ به التذكير ...
يترقرق القلب فيك بوداعهم هكذا كشمسٍ تإنُّ في غروبها ، فنراك بالحب السائر بالغائبين تشير..


قال الناظر:
وحينما يحين الزوال في وجودهم فينا سننظر الصفاء في صفحاتهم مطرزة ببهائها كأن القول فيهم : كانوا هنا يوما ما ..

في خط الزمان هكذا قال العابرون ..
لا..
لن تكون ذكراهم قحلاء في صفحاتِ وجودنا هكذا ..
بل ستبقي ويبقي تأثيرهم الخالدَ الآسن بنا كنورٍ فينا يتهادي ...
فكذا رضوانٌ وصحبه قد رحل ..
وأخر في استعجاله للمراد علي وجل ..
واخرين تكبر فيهم ثمرة البعد دون أي يدٍ لهم فيها بطولٍ الا بتلاحق الزمان له بنقصانه المتسارع ..

سؤال..
ولكن الذي يتنسّم من بين جُدر الروح فينا سؤالاً في طيّه الجواب مجهول : هل ما زالوا علي الطريق رغم قصر الوقت فيهم فتبدلوا فينا الرأي ؟ ..
أم انهم قدر راقوا طرقا أخري فتعبدت فيهم شقائق البعد فتهافتوا عليها متجاسرين؟ ..

تمرّد..
اتمرد عليك يا بعد المسافات عندما أرك تفصل أرواحهم عنا في كهوفٍ ظلماتها شاردة ، وحينما تشحذ جنودك لمحاصرتي ، سأعلن حينها عليك التمرد من جديد ، سأفحمك ولن اترك ذكراهم ، سأسلخ فيك صفة النسيان حتي وإن طال فيك لي حصارك المرتقب ، سأمدد التمرد واعلن من علي قلعتي بيان إنفصالي عنك ، فوكنات قلبي شامخة في وجودهم ، فأنا فيهم في سرورٍ مطرز ، والأمر هو كذلك ..

لماذا الامر كذلك ؟..
كورد الصباح فوق ازهار القلوب رأيتهم كقطر الندي يتشردقون ..
كمراكبٍ تخور البحر بشباكها فاصطادوني بأخلاقهم فعلقتُ وما عاد الافلات بي فيهم ينفع ..
هكذا هي الشباك قد ارتضيت لنفسيَ الموت فيها حتي لا تتمناني أنياب الحياة فأراها تنهش فيّ الروح كقرش يُدميني الجراح فأتعذب حتي أسترشف الموت بقطراتٍ ثم يحين بي فيه طعام الغداء ..

انتهي ..
محمود الراعي ..
4/10/2010

الثلاثاء، 5 أكتوبر 2010

ضرورة ملحّة ..


عندما تري ان هنا خطأٌ ما وكان لا بد له من اعادة النظر فيه ، ولكنك لم ترعْ سبل التصحيح السوّي فيه فترقّ النفسُ فيك حتما الي نتائج مضنية .
وكَأنا في اعراضنا للتصحيح نري السعادة متبذّله لنا في عطائها لكونها مغمضةً عنا في تبدلها فينا المواقف الي ما نريد .
اقولها وحسبي بالقول لنفسي وللغير : لماذا إن لم نصل للسعادة المطلقة نهيم لأنفسنا حينها الحزن المطلق ، فعندها ماذا نكون ؟ والظن حينها بي وبالغير كظن يوسفٍ عندما قال : (معاذ الله ) سنصبر ولنا الأجر من الله .

(جالست امي برهةَ العصر في يوم عابر ، وتلاطفت بها شذي الكلام الحنون ، وأردفتها الحديث بصراحةٍ تامة عما يختلجُ جزءاً من صدري في عاطفةٍ عادية ، فكان الرد حقا شافٍ جميل ولكنه كان لا بد فيه من صبرٍ طويل الامد .)

وكذا الحال ..
أشار له الحسُّ فيه الرأي وقد راق له الإستناد بخياله قُبالة الحائط في ذروة البدء في بنائه الي ضرورةً ملحة .
ما هي وكيف وما سببها ؟ اوليس الحس لربما يخيب في اغلب اللحظات ؟ ام إنه إن لم يكن التوحّدَ فيه التشابه فالاختلاف يسري محله ولو بعكسٍ صحيح .
تعبّئ خالدٌ بشحناتِ فتورٍ يائسة ، وأستهل نهاره في تلِّ الاوقات بالتذمر الصامت الموحش ، فهل حقاً لا بد من حقيقةٍ لحسٍ به تبان ؟
فكذا البنّاء علي اسيل التغندرِ وقد حضر ..
تكوّر حول الطوب متربعا وتتابع بخُياله البِنَاء قائماً بشتي صور ..
كالسيف إستلّ لسانه فيه الموقف وسَطّرَ صمته بقفلِ الحديث المستمر بثقلٍ مكفهر ..
ترنحّ الكلام في ثغره بتعبٍ ولازم التوقف لراحةٍ ولامس الطوب بكلتا يديه فقال البنّاء : آيسٌ لا يصبر لضرر ..
فقال خالد : كيف ذاك والطين معجونٌ بيديَّ لسنين واللين فيه كالصّخر..
لامسته بالخلط وما ايقنت فيه غشٌ قد ظهر ..
البنّاء : لا تَلُمِ الخلط فلعله متحيّدٌ مظلوم ..
خالد : وما لي السمع تشقّه بسيفك الزؤوم ..
البنّاء: إنما هو الحق لا بد فيه من قولٍ فصل ..
خالد : لا .. انما انت غدّارٌ تريد من طوبنا التشفي السقيم ..
البنّاء : وما لي والطوب منك ان لم ادعه لبنائك يطيب بك عمرا وتضحي فيه هرم ضنين ..
خالد : كيف اجدُر بك التصديق ..
البنّاء : دع الايام بأحاديثها تُريك عندما يتنسم في مساماته لك الضيق ..
خالد : دعك من هذا وتوّل البناء ..
فبدأ البناء ..
ولكنه ما اردف البنّاء الا التوقف فيه التفكير ..
انزله من علي بنايته وقال دلني كي اتولي فيه التدبير ..
فقال البنّاء : كل تدبير في الحاجة له تروّيِ معقول ..
وما عساك الا مستيقظ فيه ماردَ البيان الفهيم ..
وما الايام بك الا بحقيقةٍ ستنسف ما شاخاه الاحلام فيك من طوب طريقه الغش ..
فكيف لو شاد البناء بحاله فيك عاليا متعالي ؟ ..
أنتهي كلامه ..
فقال خالد بعد وقتٍ وحين :
اراه علي الدوام قد صدق ..

حقا دعي الايام تثبت ما تشاء ..
وطب نفسا اذا حكم القضاء ..
فالايام لربما فيها ما لا يضنيه عقل ولا يستسيغه فكر الا بترويٍ صحيح ..

انتهي ..
دمتم..
محمود الراعي ..
28/9/2010م

إرهاصات الحال ..


إرهاصات تنقدح بشررها فجأةً في مكنونه فتهيم اللهيب في شعوره الداخلي بما قد لا ينال أي فهمٍ بها عند غيره من الناس بقرائن الاحساس أي معني ، ولا يسعفهم التوضيح الا بإقاد شعلةٍ يروْها في جسد الورق في مرسمه كالرعشةِ المتحررةَ إن كان لهم حسُّ تذوق ، وكذا الخفقان يتبعُ التحرر في تشابهاتِ الرسم التي لربما فيها الارواح تتناسخ .

هنا خالدٌ وعلي ضفاف اللا بعد تري اصنافه المتشابهةَ تتوخي خيوطاً جدالُها لا تعمد التوصيل الا في لحظاتِ تجلٍّ فارقة ، وحينما ينظرها حقيقيةً شاخصةً بتكاملاتها يتمتم في صارخه : كيف الخلاص؟؟
قد تراه حول ذاته متوحدا لا تشاطره الاحداث بما تكنّه لغيره من الناس من احزانٍ الا بقسطٍ لا يتعدي سُمك الظفر فيه من أسي ، ولكنك ما ان تنظرَته بنظراتِك تلك فحقا كنت حينها به مخطأ.
كم آمن بالصمت له مخلصاً من ثورةٍ كانت ما إن تخبوا وتضمر وتضمحلَ الا وتنفتِلَ به من جديدٍ كقدرٍ مغطي بما يحوي من ماءٍ يغلي ، والناس من حوله ظانون فيه هدوءً به قد سيطر.
قال خالد : آآآهٍ لو تتهادي نسائم الخلاص بما تتنازع فيه روحي من احلاكٍ لسويعاتٍ قليلة لربما أسترقّها بعقلٍ راشدٍ مفكر .. وأنّا لي ذلك ..

جلس امام مرسمه وتناول القلم بيمينه وقال بصوت متجشأ فيه دمعٌ حبيس: سأهزم اليوم لونك الابيض يا ورقة ولا تضنيني بسوادك الدائم بعد اليوم ..
ثم تابع..
نعم ساهزمها ..
سآسرها بألوانٍ عدّة ..
سأسوقها نحو فكرٍ مختلف ..
سأستبيح بيضتها وآكل لونها الفاتح بنهمٍ شديد ..
لن تضنيني بعد اليوم بصمتك القافر ..
سأرسم شقائق روحي عليك وأتصل بها بهاتفِ الخط بحبرٍ أخطه بلا توقفٍ ، وحينما لا يتواخاها الناس بالتذوق فلن نلْتفت لهم ما دمنا نتخذك وسيطاً بتشابهاتي المأمولة .
سأستبيح بيضتك ولن تضنيني بسوادك الدائم بعد اليوم .
يا ورقة ..
خيوطٌ سابحة في أرجائكِ كطائرٍ بلا أجنجة قد استهلّيت الرضي في فقدها ، و العابر بنظره فيك يقول: كأنها تحرّشات طفل أمسك بقلمه وبدا فيه يسير.
حقا انها لتحرشاتٍ ولكنها بخطٍ ساقته الايام بما لا تتجرعة حتي الظنون..
وما إن تكتمل اللوحة في وريقاتها وما فيها من أحداثٍ تري خالدا ينظرها بنظراتِ بهاءٍ رمزي متألقٍ لحدث لربما يكون في حدوثه جد قريب .
وكذا المجهول علي ليلاه يعني ..
انتهي ..
محمود الراعي
2/10/2010

النصحية (في بوح السر )..

صديقي ..
أخـاف الردا نفسي علـيها بِنِيْعٍ وانـما .. صنوف البواح في جُلها تراتيلَ بؤسٍ تّشِرُ
غدوتُ كمولودٍ وصُنتَني بنصحِك يافعا .. وحين التناصُحِ الكليم اعدو فيه متعطشُ

صديقي ..
لو آن للنصحِ به التقدير حتي يوزن بميزان الخلائق المادي لمُكافئتِه ما كوفئ بالارض وما تحويها من كنوز واردة ..
تجاربٌ واحداث .. يتناطح في نتاجِها عيون القمر ، تفلو بأصحابها لعديم التكرار لما فيه غيرهم من تشابه المآسي في الحياه قد ظهر ..

عندما تُوجَز الكلمات مُصْطفّةً في نُصحيِها ، مخلصةً في تراتيبها ، لا يشاطرها الا الصدق المحسوس البائنُ بأنّاته ، كان حق الوجوب فيها ان يزأر الصدق بعفويته لِتَثْبِيتها في قلوب الظانين بدونها عين الفلاح (وهو انا) ،وكذا كي لا يضيع المراد فيه كالهباء المنثور ..

صديقي ..
قلة هم الذين يقولون مثل قولك ، فتراني لا اشور بغيرهم ما اكتنزه الا مزيدا من اشياءٍ كنت فيها توّاقا الي بخذحٍ أُريدُ منه الخلاص ..
كم كنت اتوسّدُ الطريق الذي دللتني عليه قبل قولك ولكني زللت ..
كان لا بد لي من خطواتٍ ألتمس فيها عتبة الرصيف ولكني عندك وجدتها...

بالنصح .. هنا كانت البداية وما خاب بي الحس فيك مرة اخري ..
قد قلتِ وتراني اقول هنا :

"" بعد أيام سيلتأم الجرج ولن يبقي منه إلا الأثر ، سألتقط انفاسي الشاردةَ وأتنشّقُ صعداء الراحة ولو في قِلها ، لن أنظر للخلف ولن اتشردق لما في سِلال غيرى فتغار نفسي كحمقاءِ البوادي حتي وإن كان لي نصيب فيها .
سأتوخي طريق السكون الازلي وحينما أتفاداه بصمتي فحتماً سيجزرني الكلام بقلِ الحديث الهافت ..


لا ..
سأصبر ولا ابوح ..
سأمخر البحر بركوبي فيه ولن ابوح ، وعندما تشتد الرياح بعُتوها سينكشف بي التصرف بشقيه المتضادين ولن ابوح ، لكن الاختيار فيه هو ثمرة الموسم.
لن أتسكع في أسماع غيري فأقُص في ارواحهم سذاحتي وهم بي علي مضضٍ بما سأسوقه لهم ..
لن تترامي لي النظرات العاطفة بعد اليوم ، سأحرقها بتناظر القوة المتجشأة بصبرها ..
حقا أن القوي فينا قوياٌ ما دامت الشكوي الا لمن لا يذِل ولا يموت.. (عز في علاه)
انتهي ..
محمود
10/3/2010 10:00:26 AM