الأربعاء، 20 أكتوبر 2010

حِيْرة ..

تحار بنا الأفكار في مسكنها الرقود ، تحنّ الي شرفةٍ يتخللها منظرٌ خُطّ بقلمٍ فريد ، تتعلق بكالوب التدوين الشاغر مرةً ، وبإخري تتدلي بسلاسل النسيان الدائم المُهتّك .
قد تدفعها خضوبٌ فيها حداثة ، قد تغشاها فرحة ملطخةً بزيفٍ مخدر ، قد نتوق تذكّرها في حاضرنا فتُسلم لارواحنا عند الاحداث المتشابهة فينا البواح .
هي تحار وكذا نحن فيها بالامر نحار ، وما بين حيرةٍ وأخري أسئلةٌ في الافق نراها سابحةً كالطير الجانح .
أتُري نتوكُّؤها في خلجاتنا جُنح الراحة المتروكة ؟ ام نتنغّصُ في حيرتها الكلمي ببحرِ الحياة الذي نحسب الخِضمّ فيه حزنٌ وشجون ؟
لا نملك الا ان نقول لكل مقامٍ مقال ، ولكلٍ دوافعَ نسترقّ فيها أفكارنا بكلتا شقّيها ، أفكارٌ تتواري في عباب السكوت الساريَ المؤقت الي وقتٍ ولا بدّ لها من بروزٍ في يومٍ هصور ، وأخري تندفع ظاهرياً في سيارةٍ فَوَارُها حَدَثٌ نراه علي الدوام فينا لا يهون ، فنتائج الافكار في شقوقها العملية لا بد لها الا وأن ترتطم في بحر الحياة بموجٍ نري الفكر فيه يلتحفُ بحزنٍ الي وقت وحين ، ولكن شمس البيان لا بدّ لها وان تشرق..

فذاك احمد قال فيه ذات مرةً :
كم اشقيتنا يا بحر الشجون ، كم أقحمتنا في خضمِّك بكل آفاقنا الوجدانيةَ ونحن لا نملك في شطآنك أي طوقَ نجاة ، أسبيتنا الروح ، وغنمت فينا القلب ، ونلت الانفال بغير جهدٍ منك فينا يذكر .
كم أجريت السهر في عيوننا كنهرٍ يجري ؟ كم بخلت الهدوء في أسماعنا بصخب الأمواج فيك كبابِ الضوضاء علي
الغارب مفتول.
كم فرّقتنا والاصحاب في مضجع الاشواق عند سراحك مُتكِؤون ، قد نقول ضرورة الزمان ، وحِقبةً لا بد لها من أركان ..

أطرق احمد رأسه فتابع فقال : نظرتي قاتمة ، فلماذا هي مثل ذاك؟ ... كنّا او ما نزال صغارا ، فشبابا ، فآباءً ، فجُدودا ، فالموت ينتابنا حينها فجاة ، ولحاف التراب ينسلُّ في أنوفنا علي الدوام فيه بتِرّة ، ولا نملك لأنفسنا حينها ضرا ولا نفعا، الكل فيك بأرجاء الكون يسير ، ونحن كبغبغاءٍ نتلو الحزن بصوته الشخير ، الفكر فينا يأس التنوير المُلزم ، قد سرنا
بزهدٍ في كؤوس البِشر منه ارتواء ، وظللنا ببيارق التيه تائهون... فلماذا يا بحر يسري بنا فيك كلَ ذاك الظنون ؟

تدخل البحر متبخترا فقال : قد سألت ونفسك بالإجابة تفُز ، ولكن الشئ الدامي فيكم هي إرادة التفكير ، بحثتم عن افكارٍ تسرّكم فأصابكم الفتور ، أوفدتم الطرفة بفكركم مسلكا فرأيناها بكم متتابعة علي الدوام لا تنقطع الا بمللٍ حسير ، ثم نري الحزن فيكم ببراثينه متجزّر..

سأنشدك القول الفصل يا احمد : الافكار يدفعها شئ محدد ، شئ يتعلق بالموجودات الحوليّة ، تُقتنصُ ببنادق الارادة
القوية ، تدفعها غايات وأهداف صحيحة ، مرة تتلوها المرة ، والتحسن لا بدك له وان يشرق بشمسه فيك ..

كنتم كما الماضون كانوا ، ولكنكم ما زلتم بالروح تتنفسون..
هم دثروا في قحاف السنين وانتم في لحاف الحاضر نتبرقشون..
تمتلكون فرص التفكير وهم فقدوها ..
تمتلكون الأمر وفيهم الأمر قد أُخرج من أيدهم ..
ولكن الباقي لكم فيهم هو صحيح الافكار الخيّرة ... فاغتنموها..

انتهي ..
محمود الراعي ..
17/10/2010


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق