الجمعة، 28 يناير 2011

الطائر ..


قال الطائر :
" وأَنْ تظلّ مفتول الروح يا هذا ، شامخُ الاركان بربك ..
تنظر لِما وراء الاحداث بخيراتها المكنونة ..
ولا تُثْقِلُ انفاسك بتنهداتِ الاحزان الشابئة بمنغِّصاتها..
ولا تَرُوْغ الا في أتْرابِ الاخلاص بعمالك ليومِ البقاء ..
حينها ماذا تكون ؟..
ولا نراك تُخرِج الكلام الا بميزان القلب الساكن فيك ..
ولا تَطْمِسُ اترائه بأحزانك الساكتة التي تدميك..
تُحدِّثُ الصمت السائد فيك بالخير ان يتكلم ..
تنادي الناي بصوت الفرح للغير ان يتجمّل ..
فإن كان فيك كل ذاك او بعضه .. فعش الحياة جميل السعدِ سعيد .."

في مروج الكلمات المخضّبة بحروفها ، من حركات النُّصِح المتجمّلة بمراتِبها ، الي مروج الآفاق المتزينة بالغيوم الساحرة ، قد رأيتُ الطائر ، وأجنحةُ الكلماتِ علي جانبيه ، قد طار بهما للافق وحلّق .
سكت الطائر في نُصحِه المسموع ، وثغر الكلام في قلبه للرائي قد بدي كالشقِّ كالمفتوح ، ألقي ما فيه من كلماتٍ وتابع في سمائه التحليق ، لاح ببعده عن ناظريَّ فوق سفوح الغيوم المتعالية بشهقانها ، كطير الاساطير قد بدي لي حينها كطير الفينيق ، عاد الصوت منه للآذان يتردد ، يقترب هو في بُعده ، فالصدي في وضوحه ما زال يعدو متكررا لي ويصيح:

" فإن كان فيك كل ذاك او بعضه .. فعش الحياة جميل السعدِ سعيد .."

وإني لكذلك إذ بي اري الطير في سفوح الفكر متنقِّلاً ، وإني ما زلت الان ها هنا ، وكذا يداي فوق الأزرار تَرْقُب لمْس حروفه المنشودة بِتأملٍ ، رأيت وَقع الكلمات من ذاك الطائر فَشَدّنتي، أَخَذْتُ ما قاله لي بعيون قلبيَ ، فتمثّلتُ الخبر الآنيّ بحقيقه دون تَمَلْمُلٍ او تذمّر .
قلت لنفسي محدثا لها : طائرٌ يطير بكلماته لهو عجبٌ كبير ، وإنبراشُ الأجنجة في اندثار الريش علي جانبيه قد ادمي قلبي بالمنظر المتصوَّر الحسير .. طيرٌ بإجنحة الكلمات !!! ، أهو طير الحقيقة ، ام جمادُ الخيال ؟.. ، سَكَتُّ حينا وقلت : ولكني لن أؤول بقليل الجهد المبذول للجواب ، حتي اجد بكثيره ما هو لي بالفكر مطلوب .
خرجت للهواء الطلق ادفع به الضجر عن نفسي ، مددتُّ الطائر في عيوني بمداد النظر لدي ، قرب أشجارِ الرمان صِرْتُ ابحث عنه وأتباحث ، فلعلي اجد عنده الجواب ، رُحت اسألُ وافتِّشُ عنه الفراغ ، اصيح في الارجاء بروحيَ قائلا:
"هو ذا طائرٍ بلا اجنحة بالعين المنظورة ، يَحُطّ الارجاء بكلماته ، وَعِزُّ الكلامِ فيه كلامُ الخِيْرة ، من رآه ضِمْناً فليكتبِ النداءَ في كتابِ الريح : أنْ الخبر عندي موجود موجود .."
إنتظرتُ تحت الأشجار ونظري في غضونها يتنقّل ، لاحت الريح بحفيفها لِتُنْبِأ الأرجاء بقرب الهبوب المترقّب ، تنبّهْتُ لها منتظرا ، فلعلها تحمل بن نسماتها الجواب ، ولكن الريح ما جائت الا بهبوبها العابر.
انتظرت حتي اتي الليل المدلهمّ بظلامه الدامس ، تَرَقّبتُ الخبر عن الطائر من أي شئ في الكون موجودٌ يتحرك ، بحثثُ عن بصيصَ نور اهتدي به لطريق الرجوع حينما ارجع .
سمعتُ طقطقةَ طرقٍ في الشجرةِ التي بقربي ، وإذا بصوتها في اذني يرتفع ، وكأني اري شِقّاً فيها يكبر بحجمه المنظورَ ويتسِع ، خَرَجَتْ من ذاك الشقِّ بِضْعُ فراشات طائرةً بأجنحتها ، تجمّعتَ في اقترابها من فضائي القريب ، قد كوّنت بعد حينٍ في إجتماعها كلمة لا غيره سواها ..
هالني المنظرُ حينها .. دققتُ النظر ، فإذا بالكلمةِ مكتوبٌ فيها :

"لا ترقُب الطير في أسئلة الرجوع ..
فهو طير الحقيقة في كلامهِ المَنْصُوح ..

فإن كان فيك كل ذاك او بعضه ..
فعش الحياة جميل السعدِ سعيد .."

انتهت ..
محمود
8/1/2011

هناك تعليق واحد:

  1. رائعة مدونتك بكل ماتحتويه استمر وفقك الله

    ردحذف