الثلاثاء، 22 فبراير 2011

حديقة الباب ..


قد قُدِّر للباب في إشتداد الحاجات علي مصراعيه وأن يفتح ، لسان القفل بكثير الشد فيه قد انحني ، داخله ليس كمن هو بَعْدُ لم يعبُر ، من دخله فهيهات بطول الخروج له وان يصبر ، مناطيد الجلوس تراها في الارجاء منصوبة ، انواع الموائد بلذائذها تتوسط الحلقات المنشورة ، تداركتها القلوب التي هي في سلاسل الايام بَكّآئة ، وتناستها القلوب التي تاهت بتتابع الغيّ الذي هو في النفوس مقدوح .

قد طُرق الباب وإشتدّ في طَرْقِه لَحُوحُ الطرق ، دبيبُ الاصوات في الآذان من بين الرزّات للباب قد سُمعت ، آناتٌ تتلوها نحيب العبرات ، عَبَرَاتٌ تُنْشِيْها حفيف فيضَ تراتيل القولِ المأثور، .." سأطرقُ الباب متأملاً فيه الخير ، فمَنْ دَقَّ الباب فقد ولج ، ولن يسبقني في الموائدِ تلك مرةً اخري فيها احد " .. قال الفتي ذات يوم في سِنّه الفائت ...

قدمٌ في داخلها ، وساقٌ علي بُعدِ بوصاتٍ في ولوج الباب ، خطوات الرائي المتردد لثناياها قد يهُول في جمال المنظر الهِنداب ، علي ترنّمات النعيم توقف الفتي دون حدِّ الهمس الداهشِ فيها ، تتلمذت كلماتُه علي شفاه الصمت ومن بين الثنايا تحِسّ الكلام منه وقد خرج ، قال صمت الحال (1) بلسانه : " فالحديقة في مَثِيْلِها لا وجود لها الا بجمالٍ قد زاد" .

4:51 ص ..
في تلك الليلة المقمرة في وَصْفِها ، في غسق السَحر ، هناك قبل مجِئ الصباح ، قد ازيح ستار النوم في تلك الجفون الذابلة واستقر النوم فيها برهةَ الوقت بالفتي ثم غادر ، مدَّ الفتي يده لِيَقصد النور في مفتاحه ، تناوله برفقِ الضغط ، وبدا النور حينها كَكُحلِ الكَسَل في العيون المغمضة ، كالزهور هُنَّ العيون قد بدت ببطئها حينما تتفتح ، قد شَدّه النظر ليتراءي تلك الساعة التي هي في الحائط القريب ، إنتفض كالنهر المتلاطم في انحداره بكثير الصخر فجأةً ، وبتربع الاقدام ترى الفتي وقد جلس ، نظر.. وإذا بدقائق الوقت في قِلِّها لا تفي له بموائدِ السَّحَر الا بالإكل القليل .
دقائق الفجر في حلولها قد اقتربت ، نظرَ الساعة مرةً تلوها الاخري ، علي أسقُف التذكُّر قد علّق الامل بِبُعد الفجر .. فلعل عيونه حينها كانت بالنظر الخاطئ بالساعة تعول .
قال الحال (2) باللسان متحدثا : " فلربما هي ارهاصات النوم التي تجوب العيون بخداع الوقت كمرآ السراب ، فترانا ننظر رُبع الساعة حينها الا العشر او كمثلها " .. ، ولكن النظر ما غاده الا بحقِيْقِه ، فالفجر في اقترابه قد وان.

تجمع التحّسر علي الشفاه بكظمِها ، والعيون ما وَاْنَتْ آنية الحين الا في إنغلاقٍ آخر ، قطار الوقت في سَبْقِه لم يدع له سوي قِلُّ الدقائق فيها البقاء ، تناول الماء يحتسيه بالوضوء السريع ، تناولتِ الارض السجادةَ التي منه قد إِفتُرِشَت ، دَقَّ الباب في تكبيره السائل وفي سحر الليل اضحي حينها هو الداق ..

قد فتح الباب علي مصراعيه ودخل حينها الفتي ، مكث في سيْره الحثيث حتي وصل الموائد تلك ، جلس وراق له فيها ربيب الجلوس ، تناول من تلك الموائد عديدُ الفاكهة ، تناول تلك المتكورة الحمراء ، قالت الحمراء وهي في بين اضراسه : سئل ..
قال : سألتك ربي وانت تعفو ، وان ترضي وتنجي عبدك الضعيف .
ثم تناول تلك المستطيلة الخضراء ، وهي في ثنايا اسنانه قالت له: سئل ..
قال: ربي اسألك خير الحياة وخير ما فيها ..
ثم تناول البائنة الصفراء ثم فقال : ربي عجّل لي ما كنت آملُكَ وفيك الرجاء ..
ثم تناول شربة ماءٍ باردٍ في حِسّه حينها وقال : ربي هب لي من نسيم الخير فيك ما تقرُّ به عيني ونفسي ..
بعد حين الكلام في إنتهائه ، تري الموائد وقد رفعت ، وانبلج الفجر الصائح حينها بندائه ، وسكت الكلام وذِيع الصمت ...

انتهت ..
31/1/2011
محمود الراعي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق