الأحد، 19 سبتمبر 2010

الصيدُ الموثوق ..


قطر الندي ..
علي أشْرُعِ الآمالِ إِرْتَحَلَتْ وأسْكنتِ الصبر بقلبِها ..
بهمةٍ قد ساحت فيها الحياة دون أن يعتريها الخُواء ..
ثم أفرعتْ مجاديف الفِكر في بُحور أشجانها ..
فلعلّها تجد في اسماله سمكاً وثيراً لإغتناء ..

سألت الجد يوما : جدي العزيز .. ترانا نتعلم ونتعلم وحسبُ العلم فينا الا نِتاجاً نتشربه بفهمٍ حسير، ثم نَرْكُنه للتدوين في كتابٍ او في صحيفة يتآلق فيه الزمان ، فما مردّ ذاك يا جدي لنا في العلم من فائدةٍ ترجي ؟

لم ينبت الجدَّ حينها بكلمةٍ او بحرفٍ يسمع ، توجه ناحية المأرب واخرج من بين اشيائه شبكةً صغيرة ، القاها تحت اقدامها وتوجه لها بالقول : اريد سمكاً اليوم يا ندي ، ثم ولي الظهر لها وعيون الفتاة تتابعه .
أمسكت الشِبَاك بتماسُكِها ، تفقّدتها وسارت بها ، حَمِلَتْها ، فإذا هي فارغةٌ منقوصة ، تري اليمين في نقصه للطول من وسطها لا يقدّر مساحةً بالتساوي فيها الشمال، لكن اليمين أقدرُ علي حفظ الصيد من بُحوره فيها وقتاً اطولَ حتي يستخرجها الصياد لدلوٍ آمنٍ في بعض الاشياء ، والشمالُ تري الثقوب فيه انواعٌ واحجام ، فتتحَرّاها الاسماك خروجاً منها للبحر المتلاطم بسرعةٍ وخفّةٍ دون اثرٍ لها برجوعٍ قريب .

تابعت المسير حتي ارتأت الي بحرٍ وطّار..
نظرت السماء من فوقها وما القاه فيه المنظر الا كلوحةٍ فريدة ، فالغيوم متتاليةٌ في سيرها كقطيع الغنم المصطفِ فيه الكثرة ، هنا تجمعٌ متوحد، وهناك منها ما لا يرتضي الرَّعاء الا في ناحيةٍ قاصيةً
بعيدة .
تحرّت الصيد في وقته السائد من ليلها ، ثم طلّ الفجر بخيطه الابيضَ وضوحاً أيْلَيَاً حتي أزِفَ الابحارَ فيه الوقت ، فاستعدّت و مضت في البحر ببطئٍ، ثم القت شباكها الصغيرة وساد فيها الإنتظار الي وقتٍ وحين .

بدت تراقب الطير في اسرابه عند بزوغ الصباح الطالع من بين وكنات الليل الهارب ، فتلك جماعات الطير المتكور حول بعضه، واخري متفردةٌ متأخرةً في الوصول اليها ، فلربما يعدوا من ناله التأخير فيها الا مَنْ جري عليه الزمان بعلةٍ او شائبةً فيها الضرر ، لربما .

طاح الفكر فيها وهي طارحةً بجسدها علي ظهر المركب الصغير ، فتمثلت الحياة في عينيها بصحةٍ ورضا ، ثم تفنّدتها نسمةٌ هبت فأيقظتها من سراحٍ قد طال ، امسكت الشباك بيمينها ، ثم اخرجتها وبدت تحصد منها اشياءً قد اينع البحر لها بحصاده .

نظرت وتفحصت ما فيه الصيد قد اخفاه من حِكمٍ قد يسرُدها الجدّ بعد حين ، توقفت فرأت الشقَّ الايمن في شباكها فيه اسماكٌ متواجدةً بِحَبسِها لا مناص لها الا التسليم بما هو آخذٌ القدر فيها ، وفيَ الشقِّ الآخر تري الصيد فيه متبخّلاً فيه لسببٍ بفراغٍ حسير.

حينها دَبّ صوت الوصول للسؤال في مكنونِها ، وعند الرجوع ناحية المبيت توجهت لجدها فقالت :

الـعلم صـيد والـكـتـابـة قـيـده … قيد صيودك بالحبال الواثقة
فمن الحماقة أن تصيد غزالة… وتتركها بين الخـلائق طـالقة!
إنتهي ..

محمود الراعي
2010/9/14م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق