الجمعة، 10 سبتمبر 2010

(كان كما تمني)

(كان كما تمني)
الكهل الانفعاني ..
تمدّد علي مصبطة المنزل وانسلخ من ثيابٍ كانت علي اكتافه الا من لفافةٍ تسْتُر به سوأته ، فحرُّ الجو شديد ، والهواء في تكييفه من ابواب الأجهزة سار كمؤرّقٍ له لا يطاق ، تتالي التنفس به في دفقاته فأردف لِسبّابته القول : انْ زيدي الخفض حتي تَرَيْنِي ارتجف من شدة الخفقان ، ثم تابعي ما كنتِ عليه حتي تنظرينني قد اصلولبت لا اتحرك كقطع الثلج في مكاني ، ثم أسكبي عليّ ماءً مالحا ، حتي إذا ما جف الماء، فأنثري علي جسدي الثياب، ولا تشحطي الملح لكي لا اتعفن ، وحينما استيقظ من سراحي اسْمِعيني صوتك لي : بالكهلِ الجديد .
تناول العكّاز بشماله وسار به ناحية السور فأماله بزاويةٍ ثم هوي بقدمه عليه فاصبح نصفين متجزآن ثم قال لنفسه : مرحي بكهولٍ متجددة .
مرّت من جنبه حمامةٌ طائرة ، الانسياب فيها للتعجب به قد تحرك ، يمنةً تعلو في السماء ، واخري تدنو كالسهم ناحية الارض دون ترددٍ والبعد فيها للفناء ، اعجبه فيها المنظر فقال : لا بد لي من طيرانٍ مجرب ، نظر ليديه فرأهما تنبت الريش فكأنهما الحشائش المُسرِعة في نموها ، ثم احس بحكةٍ في مؤخرته فتفحصها فتبين له ذيلاً بريشٍ كثيف ، تحركت الاجنحة في هبوب الريح فيها ، وارتفع بطيرانه المتباطئ حتي وصل الي سفح القمر ، وأنّا له التنفس عنده حينها ، حبسته الانفاس في كتمانه ، فاستراح في طوره البدر وتناول شربة نورٍ طافحٍ من زجاجة انعكاسٍ فريد ، فتحولت الرئتان به وعندها سار التنفس به يختلف .
مكث غير قليل ، ثم هوي كالبرق ناحية المصطبة فرأي الملح فيه قد دني فيه الذوبان من علي جسده فأردف له الملح بسؤاله فقال : حدثني عن نفسك يا شباب الكهول قبل ان تتعفن .
قال الكهل : كنت كما تمنيت ، حلمت كما أ ريد ، ذهبت حيث طاح بي التفكير الي مراتبٍ عدة ، لكن التعقُّل بشروطه اوقفني ، لدي حياه اعيشها ، واحلام ورؤيً استفيق منها في مراحل وفي اخري اتوغل في اسمالها بفؤادي لا بنومي ، ثم أسير بها طريق التطبيق فعندها قد حسبت نفسي قد نلت سعادتي، وحينما تتساقط عني يا ملح الاحداث ساتعفن من جديد وتفوح رائحتي المنفّرة ، ولكني سأسد منخاري بتراب الاماني واتوق لنفس تكرار الحكاية من جديد.
انفُعاني ..
فبحر اليقين له ملاذ اخير ..
يحاكيه في انحسار الموج في ظلماته الثلاث ..
حينها يكون التناخي بالذكري نجوما تتشابه كتلك التي في السماء ..
تتوهج الي حين ثم تندثر مرةً اخري في كتاب النسيان المؤقت ..
وعند تشابه الاحداث في مولدها تندفع للواقع بقماطٍ بقلبٍ وقالبٍ جديد ..
في تتابع مستمر ..
دمتم بالعز .. محمود الراعي 8/9/2010م


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق