السبت، 17 أبريل 2010

نصيحة جدي 2




...............
في إحدي اللياليَ من سنين مرّت ...حَضَرنا صغاراً وكباراً مجلسَ جَدِّنا.... فتكوّرنا حولَ مأدُبةٍ تراها مزَيّنةً بفناجيلٍ وقهوة وكانون ونار...
وأبصرتُ المجلسَ مُعَشَّقاً بدخانٍ في ثناياه عبقاً.. تراه كسهادٍ عتيق..
فنظرتُ الجدَّ مُلحّفاً بنبراتِ صمتٍ طويلة...

فصاح به عميَ الاكبر فقال:

أبتاه ...أزحْ حُتوفَ صمتِكَ بما تجوبُ به أفئدتنا الظمآنةَ لنورِ الحياة..
فتزجزحَ الجَدُّ ... فأشعرنا بَحُبه في نفوسنا ...كحبِ جبلٍ راسٍ

فقال الجد:

في يومٍ من الأيامِ حينما كنتُ حديثَ اليُتمَ بالامِ... صِرتُ أجوبُ أحاديثَ الناسِ بما أسُدُّ فيه ظمأ فؤاديَ العطشان....
فدنوتُ مجلساً وصاحَ أحد الجالسين بمدحِ عظيمٍ لشجاعةٍ كُنَّتْ به ..وتضحيةٍ أُسْرِحت بمشائِقِه.. وكلَّله بهديلَ المدحِ وزاد...
فخرجتُ شاجباً سمعيَ وهممتُ لنفسيَ سائلا:
لِمَ تَبرحُ النجومَ مجالساً كمسافرٍ خفيفَ النفسِ والظلِ بأرض ٍ فلات ..... يظلُ فيها حينا ، ثم وسط الفضاء تراه بالروح رخصية لبارِئِها والله اشتري....


(الجد بلسان الحال)

إِستلَّ فؤادَه عند الثغورِ مزاحماً
أحاديثا في وكناتِها ..تَري المفاتِلَ به تُري

قد أسرجَ خيله بسلاسلِ النورِ به مزيناً
يستأنسُ لِصَلِيلِها عند المكاره بشوق الفدي

نَظَرْتُ الارضَ في مُحياهَ بطرفٍ.. مسلّمةً
والشوق بها نحو الخلاصِ مدججاً بعشق البري

قد صاغوا الاماجِدَ والروحُ فيهم عزيزةً
والموتُ في اللهِ أسمي آياتٍ ومُني الفتي



ثم نظر الجد زاوية المجلسِ وأصدحَ بنصيحةٍ حيث قال :

كن بيئةً يَتَنَفّسُ الناس فيها مآخذَ الجسدِ والروح... بِتَلأُمٍ في الحياةِ ومتطلباتها ... وحينما ترتقي للعلي تظل مِشْعَلاً يُضَاءُ بك ظلماتٍ عدة ..
فتحصد جنةً عند رب غيرِ غضبان
ويكسبُ الناسَ فيك شجاعةً وشهامةً ...
و تظلُ دُرّاً في الخالدين بما شمسُك فيه تذوب


محمود

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق