الاثنين، 12 أبريل 2010

نصيحةُ جدي (1) ...

جلستُ يوماً أراقبُ جدي في مجلِسِه قُبَيلَ وفاته ... فقلتُ في نفسي : إنْ له في الحياةِ تجاربٌ عِدة ... فتجَعُداتِ وجهِهِ تراها كموجِ البحرِ.. لم يفئ(1) به يوماً إلا انْ تلاطمتْ به سفنُ الحياة...وعينيهِ الجاحظَتين لم تَسُدْ بفعلِ شُربٍ حالكٍ (كالشاي والقهوة ) أو سَهَرٍ زلالٍ (كصفاء الماء) ... بل تراه في وجه المحامل له فيها قصةً وقصة .......

فَلِمَ لا اسألُهُ نصيحةً ؟ ....تكونُ لي منه ذكري لعمره المديد..
فأفحمني بنصائحٍ... فتحركَ لها وجداني...

حيث قال ( بلسان حاله):

إستمع وراقب..
وتكلم بتروٍّ...
وتفهم بِتَعَقُّلٍ..

**
فالناسُ مختلفون
لك فكرٌ.. ولهم افكار
لك شمسٌ.. ولهم شموس

**

فأضئ بشمسِكَ أحلاكَ الشموسِ بما يشرقُ فيه فكرُكَ الجميل
قد تُظَلِلُ أنوارُك.. غِربَالٌ خداعة
تحسبُها بالروحِ شامخةً
ولكنها للروحِ هدّامةً
**
قلت وما ذاك يا جدي:
قال: لا تغْتَرَنَّ بنفسِك ولو برهةُ
فالكِبرُ ما زادَ صاحِبُهُ الا تبختُراً
وبه ينأي بنفسه نحو مصارعِ الشِوي

فهممتُ متعجباً !!!
وما سبب ذالك الكبرُ يا جدي؟
فقال لي:
هل رأيتَ يا حفيدي رجلاً اضحي في مسامعِ الدني بكل جميلٍ من الكلامِ.. وظُنُ به الظنونُ كلَ مرتعٍ بمحاسن الجُملِ ..فتراه يهيمُ بأباخسِ الكلام للنصح موجها.. وللنقدِ فيه معلما..
فتري الناس من حوله بالبعدِ مهرولون.. وبحُسنِ الكلام زاهدون.. وقلِ السؤالِ لشخصِه صامتون..

وزاد:
فاستمع بكل جوارجك
وراقب كل حركاتك وسكناتك
وتعقَّل عند العوام.. تسدهم

فلا يكُنِ التشرزمُ في الكِبِرِ ..طريقك..
بل اجعل للتواضعِ عند محياك وقِمَمِك.. موضعاً


وتفهم سوء الظُنُونِ.. تسحَرهم
وتكلم بقلائل الكَلِمِ... تكن انت فائزهم
فلنْ تكُوْنَ يوماً لامِّكَ ثكلي
.....
قلت له وما جزاءُ كل ذاك يا جدي
فقال:
تعش حياة السعداء
فبنور ربك تسمو
وهدي نبيك ترنو
وقلبك الكبير بِرُقِيِّه عند افلاك الهَنَي.. يزدادُ لا يُنقصوا
........

معاني المفردات:
(1) يفئ // بمعني ما تم الحصول عليه بدون مشقة اول جهد
وهنا استعرتها لان موج البحر يُعطَي ويزاحِمُ السفنَ بدون اي مقابل لانها تسير في اكنانه

محمود

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق