الأربعاء، 28 يوليو 2010

في مغيب ذاك اليوم ..

كان موقوف ..
حال الصديق ......
( ..
تقوقعت الشمس في لب المغيب وبشّرت الظلام بدُنوا الحلول ، وتابعت الاختفاء، وتلاقي الناظر لها بتحسُّرٍ لغوضها في البحر الهائم ، إن نظرتها فستري الجمر السابح ، وإن حدثتها فستبؤ لك بمنِحَلة ، وإنْ انصت لتغزّلاتها فحتماً ستُحرك فيك الاحساس من جديد .
إختفت وما سبيلها للظهور بتلاحق التكرار الا بما عدّته نواميس الايام ..
اختفت وغاصت في فضاءٍ كُنّه الأمل برجوعٍ قريب ..
إختفت وطار أديمها في سويعاتها ، وإنحسر بريقها في تنقلاتها ، ولكنها أرسَت السماء بشفقٍ يدلل بوجودٍ هي فيه كقصرٍ متماسك الارجاء ، هي في السماء كقائلة : أنا موجودةٌ لي عودة وإن طال الغياب..
إنحدر الصديق ببصره الولهان في خيوطها المتفرقة ، ثم البصر قد سار فيها متنقلا فإذا هي في عباب البحر متمسّكةً بأشعتها، واسدلت الظلام الجديد .

تحرك في طريقه ولكنه ما زل بها متوخيا شوقه الفريد ، اطلق عنانه للريح وسابقها وحدثها ، فقال للريح : سأذكرها ما بدي لي من نفسٍ عشقا وحبا لها .

ما أجمل أن تتهادي بك الدقائق بالغائب الذي هو في قلبك كالحاضر ، ليس تجاملاً ولا تحاملاً ولا مثاقلةً ولا مخاففة ، لكنه الحب الذي قد طالت الاشواق بأنواره فتصير فيه النفس كالمتعذب المشتاق
... ) انتهى الحال

في مغيب ذاك اليوم ..
اوقفتني نسماته العذبة ، وتجاذبتني روحه الوفية ، وتلاقفتنا ارباع الساعات في سيرنا، فالوصل للوفي حقٌ واجب .
لعيونه بريقٌ ينقدح ، ولنبراته هديراً مقترح ، نظرت اليه ونظر الي ولكني رأيت فيه كتابا اقرؤه بتمعُّنٍ فلم اجد منه البُدَّ في فكري له تارك .
هو كنزٌ ثمين .. هو روحٌ تهدي .. هو ملاك يمشي علي الارض ، فكم قابلت وكم حدّثت .. لكنه مختلف ، كإختلاف الثرا عن الثريا ...

جالست امي حينها أحدثها فقلت لها :
امي .. احزنني حال صاحبي بالامس ولاحقتني دمعاته الحري فما عساي افعل ؟
فقالت لي .. بني.. قم الان وفكر ولا تتركه يقاسي المرارة وحيدا حزين ..
بني.. له الحق فيما انت به قادر ، افلم يرضي بك صاحبا وأرتضيت به اخٌ صديق؟
بني .. ان توانيت به للأيام كتاركٍ فستصبح حينها بلا قلب ولا روح فيك تسير.
انتهت امي في الكلام ..

يا صاحبي ... ما عساي أفتُ لروحك التمني الخاسر ، ولا أنظر لك التعالي الفاجر، ولا اُلاحقك بكثر الكلام ولا بترنماته الثقيلة ولكني اقول :

اهٍ يــا فــراقا ضــاق علي الخــلان خلجــاته
ما حسبتك فيه الا حانا بنور الشوق الخالد


ولكني انظرك كجبلٍ شامخٍ لا تضره ريح العواتي ولا الوان الضرر ، فمهما انحنيت للريح عند الهبوب لكنك للريح علي الدوام لا تنقاد .
يا صاحبي إطرح بفأسك حزن الخوالي وتواخها بتلاقيك النور ودع الايام لبائها فحتما ما طلبت به تفز .
يا صاحبي .. فحزنك أدماني وتجشآتك الخفية احسست بها من بعيد وما زلتُ علي باب السهر افكر ... فما عساي افعل ؟


يا سارحا بالوصل والحب مشغوف الهنا
تصبّر فلعل الصبر يُزهرُ ما كنت فيه توّاق

فالحب ارتضي بالمحبوب للحبــيب له متبــادلا
لكن الاحداث في تقلباتها تفتت الصخر الدهاق(1)


صاحبي ..

قد نظرتك والصدق الوفي بك متزنرا
فلا تأس الليالي بما فيها من نوارقِ العشاق

فتجامل ببدر الخوالي حينا بخير الدنا
وتحامل تقلّباتها فالتحامل سليل المشتاق
إنتهي..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بمعني الصخر المرتص الصامت المملوء
محمود
19/7/2010

هناك تعليقان (2):

  1. السلام عليكم ورحمة الله
    أسلوب مرهف في طرح الفكرة ..
    تعابير جدُ جميلة ..
    بوركتم !

    ردحذف
  2. كلماتك قوية ماشاء الله عليك
    الله يديم عليك هالنعمة

    ردحذف