الأحد، 13 يونيو 2010

حديقة الروح

حديقة الروح
(1)
تثاقلت به الأقدام في ممرها الطويل ، وتتالت زفراتُه عند اقترابه من سرها الدفين فما له فيها وما عليه بها؟ ، أيحثوا علي ما ساورته فيه الأيام أم يحبوا بما عزت فيه تراتيل الأحلام ، مد يده وأغمض عينيه ، فجعل من حدسه دليلاً سيّاراً للحظاتٍ قليلة، فسارت في عِبابها كلماتُ الشوقِ لماضٍ قد أيقن فيه روحاً تطيب ، لكن التفكير ما زال أخذٌ بأقتابِ انفاسه أي الطرق لحدسه تراه يسلك..؟
إن نظرتَه فستري الهائمَ القائمَ علي حبالِ الشوق متشبثاً بعصاه ، لا يرضي لإختلاله علي الدوام الا توازاناً مُثمِراً ، فما فتِأتْ فيه ريحُ القطعِ بما فيها من وِصال زائف.

(2)
وقف ثائرٌ علي قمةِ السلم وخطي فيه بعّدٍ حتي ما أضحي به النظر الا بُعداً حسير ، فتدحرجَ في أدراجِه كتدحرُج حباتِ العقد عند انفراطها من نحرِ فتاةٍ مسرعة ، وإستقرَّ به المقام لاهثاً مُحمرَّ الخدين في أسفله ، فسار في ثنايا الحديقةِ وهو محملقاً رأسه فقال متعجباً ... ما أجملها!
فأشاعَ السِرُّ نفحاته في صوته القريب وصاح به قائلا : إِمضِ يا ثائر وما عساك الا والج المفرِق ..
فمضي وما انتهي به المسير إلا تحت شجرةٍ عظيمة ، وإنبري حاجزُ العجبِ في سهادها لدقائق زهيدة ، فمدّتْ رُوحه خيوطَ الحديث بلغةٍ قد ساغتْ فيه الوان الدروب وصنوف الخبر.
إستراح في ظلها الشادي ، وتمادي في نسيمها العبير، وسافرت به الرؤي الي ما فوق المعقول ، فرأي تفاحةً تهوي من علي غصنٍ من اغصانها ، ولكنها ما برِحتِ الارضَ الا بجناجين طائرين ، فَهَالَهُ امرها وقال : هنا لن اكتشفَ قانوناً اخر للجاذبية ، ولكني سأجدُ ما أحسُوا فيه لروحي لأستريقَ خبر السر الدفين... فمن ذاك السر؟ ، وما لي وما بحديقة اجهلها .. أأراها خُاليةً ام حقيقية.. اراها وقد احسُ بها فكيف لي وأنا أعبرها ؟ قال ثائر .

(3)
لحظات حتي استقرت تفاحته الطائرة علي غصنٍ قريب ، فحيّتهُ وأسردتْ له بردٍ لسؤاله الحائر فقالت له :
قد سالتَ وما تراني الا اُجيبك ، فما انا الا مرسالٌ طارحاً بفكركَ ما كنت فيه توّاق ، فما ردي بالسر لك الا بما هو مكنونٌ في قرارة نفسك الشجية، ابحث في زقاقها وتفحص في أردينها ، هي حبيسةٌ في سجنك الذي تقويه كل يومٍ بقولك لا استطيع ، وما أظنك تراها الا في سوانحِ لحظاتك بين الفينة والأخري ، هي لا تتكشف لك الا بعدما تكون حقا تهواها بكل همساتك وملكاتك الروحية .... (هي السعادة بعينها )
كلمة تغنت فيها الاطيار، وتلاحق في اسمالها دثائر الفجّار، فلو عرفوا ما في قلوبِ اصحابٍها لقاتلوهم عليها بالسيوف ، وآني لهم ذلك .
فالغني يسير في شِعابها راكضاً ، فتراه قد لا يتأذي بشبح الإنفاق علي ما انفق فيها إن كان كريماً بنفسه.
هل رأيت يا صاحبي رجلاً فقير قد لا تختفي من علي محياه ابتسامةَ الهانئ بما هو فيه من حال؟ أراضٍ هو ؟ ام سخطٌ بما لاحت به أحداث الزمان؟
فما الابتسامة الا انبراحَ لما فيه قلبه من سعدٍ قد لاح ، ولا أشك في قوله الذي تَنْضُرُ فيه عيناه الا كقوله: انا رجلٌ حُر، سعادتي بيدي ، اسعدُ دوما متي اشاء، ثم امسكت فجأةً عن حديثها وطارت في الافق حتي اختفت.
فتلاحقت علامات العجبِ من علي حاجبي ثائرٍ من جديد ، فما ردّها الزاخر لروحه الإ كتفاؤلٍ تليد .
فقال محدثاً نفسه :


قد ايقنتُ المَرَدَّ في حديقةٍ وما عساها
بالفتي الا كمن هو باحثٌ للسر واجد

فتمتمتُ في سهادها بكلمةٍ وما تلاها
الا برادٍّ من علي غصنٍ بالجُنحِ زاهد

تلاحقت فيها الدرر بالسمع زاخرةً
فصار فيها العجب ناحيةً بلا شاهد

فما هي الا ساعات حتي تفتحت عيناه علي نور الشمس الطافح من كوب سِتارةٍ قد تمايلت بها الريح ارجاء الغرفة وإستيقظ بعد نوم طويل.
انتهي
الجمعة 11/6/2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق