الجمعة، 3 ديسمبر 2010

ونفسي للبحر ..


قال لي صديقي (بلسان الحال )..

ونفسي للبحر خرجنا بِحَرور الخطي ، قد طفِقنا الوصول بجدارةِ العدو السريع ، نتباحث كنا عن مكانٍ يحجبنا عن الظنون ، قرب الصخرة ، وإختلسنا في لحظاتنا الهمسات ، نظرنا البحر بكلّيّته الآسرة المسودَة ، ناديناه بِكِلانا ، فتأنّب الهمس في بذخ الجهر للموج بتأنّبٍ متعدد ، فالقول له حينها : قم فصِح.

أنا ونفسي للبحر وقد ارتشفنا ، بقايا ذاكرةٍ لصحْبٍ وقد مضوا ، بأثير النور الساري نحونا قد بانوا ، فذكراهمُ الشجية لها مرآي حلوٌ جميل .. " فغيومهم الكلمي رأيناها في سمائنا تتقطر ، وعيوننا ما راغت الدمع الا لذاك المنظر ، تبسّمٌ ، فنورٌ في وجوههم ، فهم الشهداء ، فَضَيُّ النور فيهم قد نال الحثّ لتنويره من ذاك الدائمِ الذي يلوح بإشراقه الوالج عند كل صباحٍ و مساء في نفوس الصادقين منذ الأذل ، فهو الشعلة وهو وشمسُ الإباء ، ذاك الجهاد الذي فيه الطريقَ إما نصرٌ او شهادةٌ بإغتناء "

اوعزتني نفسي فنبّهتني.. فتنبّهتُ للماءَ وله إلتفت .. فتناطح منظره مع أشعةَ النور الممتدة من باكورِة شمس الصباح ، دني الباكور وقد تدنّي للرائي متلحفاً بأوراق الغيوم المنقشعة بجمالها ، فكأنها له حينها بالديثارٍ المتنوّر ..

بتمددٍ غريب ، قد تمدد خيطٌ من نور الشمس فجأةً نحونا .. أغمضتُ عيناي ، فإذا بالخيط يمخرُ الهواء في ممره السائر المتعرج كمنحدرٍ مِعْوَجٍّ طويل ، فلو ترآي حينها السالكُ فيه لنا بتراجعٍ لرأيناه في زقاقه يسيخ كمن يصعّد فيه بضراوة الشدّة .
نظرنا الطريق برهةً بصمتنا ، فتأثر الصمت فيه وتنحنح ، ثم تنحنح ثم همّ بقوله لنا : في آخرالطريق نسيمٌ عليلُ الهبوب ، فيه الخير تتوقه الأنفس بعزّةٍ لا تبيد، ولكن الإنطفاء فيه بسوء النيّة في مسايرته له تَبِعاتٌ جُلّها ودّائدة بالروح كالطامة السخية ، فهو ذا طريق الجهاد .

هي نفسي وقد قالت : فهلا نجرّب ونسلك ؟
قلت لها : وهل في خلاله إن تُقْنا للرجوع ان نرجع دون تشردق؟
قالت : ولمَ الرجوع حيث لا أدري
قلت : وكيف أدري وظنون المجهول قد بدأنا فيه الشروع ؟
قالت : فإن تابط السلوك لك فيه حينها فإنتظر ..
قلت : وإن أوغلَنا المنحدر ..
قالت : فصبر النوايا حينها طيبٌ مفتقر ..
سكتُّ متمتِما : رحماك يا رب ، ادرنا خير الطريق ..

أردفتُ عيناي بفتحٍ .. ونظرت لذاك البحر ، ترددتُ ، وتناقلتْ سكناتي بقايا النّظرات ، كَلّمتُه بغير صوتٍ فأسمعته حتي أيقنْتُ بأن السمع يُري بعيون القلوب ، مددتُ يداي علي سفوحه متبسّما ، طبطبت في امواجه برقةٍ بروحي فأنشوها ، فسرت حينها كشاربِ الماء الذي عليلُه ينور الصدور.

فيا أيها البحر الساكن بأثيرك الهدير أرجاء قلوبنا قد سألنك .. فالسنون في قحافها اسئلة متوانية ممددة خفية ، قد تمدد الموج فيك ثم تمدد ، قد تلاطم الغيم في سهادك الهفير كالطريق وتعبّد ، فالشمس في مغيبها فيك وقد انفطرت ، متلاصقة هي فكأنها قالبٌ وفيك اكتملت ، قد سألتك : فهلا نسلُك الطريق ؟؟
رد البحر قائلا : عزة الأنفس لا تزرع الا به ، وبراءة الصدور لا ترجي الا في دروبه ، فإن انت آثرت فيه النكوص والركود فلن تكون حينها بنعامةٍ ، فروحك حينها ستدفن بلا تراب ولا جحر ، فالجحارة اضحت في ايادي الصغار كمدفع ينفطر ، قم يا فتي وتناول سلاحك ثم ثُر ، فالدين قد تنادي بك ولا تِخر ، وإن ارجعتك المنايا للورا فقل لي ربُّ كريمٌ عنده للصبر حسن المستقر ، جنةٌ فيها النعيم مدادٌ بالخير تراه للأبدية يدُر ..


انتهت..
محمود الراعي
2/12/2010م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق