الثلاثاء، 31 أغسطس 2010

لوحة


أرسلت البريد في رده المستعجل فتوقف ولاح به التمزت في تشنجٍ حسير ..
حاولت المرات تتلوها الثلاث ..
فما نالني فيها الا ضجراً قد لا أرغب فيه طور الإنفلات ..
اطعت سبل السكون مراتٍ حتي رأيتها قد راقت لي نفحاتها في نسجات الشدة ..
ولكني سرعان من انحسرتُ في وكناتها فيما تلاها فصرت فيها كالشارب لماءٍ يثور..

انهي الظلام خيط المثيب وألبس الارجاء سواداً يحبو في الاركان والثنايا حتي اصبحت الغرفة التي تحتويني كلوحةٍ رسمت بلونٍ أيلىٍ دون تمرسٍ لرسّامه او مهارة به تشتهر .
تحسستُ الجدران حتي اهتديت الي مفتاح النور ،أدرته في عجلٍ فلعله أحس بضائقتي فأراه مسعفا لي بشحنة تظفر بي في خلجات حاجتي الملحّة ، لكن الاماني ما فتأت بي الا كحالمٍ في الزمان الفقير.
هبت اريحية البشر في أقتاب سكناتي فاطلقت العنان لضحكات حسري أراها قد اخترقت جدران الصمت من حولي في أندفاع كبير، إجحظت العيون بخروجها وتبارزت العروق في تدفق الدم في مجاريها وتلاحق الانفاس تتابعا في انبوب الحياة ، حتي ارتطمت بأريكة وأُجلست حينها بغير داعٍ ، ثم خيّم السكون بصنينه الفاتر.
مددت اليدان نحو الاعلي لأطيش بلوحاتٍ تكونت في ارجاء فكري فأراها متجسدةً فتيّة في حداثتها، فتلك بلدة تعمر بساكنيها وتلك إمارة تزخر بمآقيها وتلك حقول وأودية وتلك هضاب مرتفعة ، ثم أزحت اللوحات بحركة من رأسي ، فتفاجأت بلوحة لطالما إنبرت في سراح روحي وظلت متحضرة بي كالقرط في أذن الفتاة لا يضُرها لطشٌ ولا حركات سائبة.

لوحة .. خيوطها تبدأ بالنحافة ثم يغلظّ فيها الرسم كأنها تحمل في احشائها شئ مكنون ، إن نظرتها فستراها تمتد من مفرق الرأس لكائنٍ حتي اخمص الاقدام نزولا حتي تدور في حركات دائرية متتابعة قوية ، ثم ينبري بها السكون في رجعة تالية فريدة ، تكرارٌ تحسبه في تتابعه كجديد الربيع منفتلا بمنظرٍ لا تخبوا فيه النفوس نزوحا الي حد الضجر الممل ، فالرأس لا يشبه الي أي حد تل الروؤس ، واقدامٌ كأنها مجاديف النور تتناقل الدفع تتابعا بلا فتور ولا مكوث ، اغمضت عيناي والمشهد ما زال مطبوعاً بتمائمه ،أغمضت عيناي فلعلي استقرأ ما لفّته الخيوط في احشائها فتلد مخبوئا لطالما حبسته في روانقها المطرزة بروح الكلام المنير .


تمخض الحال بتلك الخيوط فتتالت زفراتها فهزّت ببنان دثائرها الجذوع وتناظرَ المولود الحياة.
فجأة تحركت فيها شرنقته وحثي علي ركبتيه ثم اصلولب به الظهر فتفسّخ الجلد من بين الواح الاكتاف وبرزت اجنحة فطرّزت الظهر بمنظرٍ جميل .
تحركت اشجاني وتتابعت اركاني لذاك المنظر الفريد ، ثم اردفت للمولود الطائر بالسؤال في صمتي فقلت له: تحدث ..
فكان الرد حينها : ما مثلي ومثلك الا كما رأيتني البتتة حاضرا بتلاحق الفكر فيك ، حملتني امي ( الخيوط في أحشائها ) ثم خرجت متكوّرا ثم ما لبثت الا هنيّةً ثم تراني في طور الرحيل علي استعداد .
فكن مستعداً...
انتهي ..

محمود الراعي
31/8/2010

الاثنين، 30 أغسطس 2010

أركان الوقت


عَمَــدَتْ اركـان الرشــد اليّ حــيناً فنهرتُــها
ونهرتُها ..
وظللتني غمامةُ الاسي ..
فَعُدتُّ بلا خُفين ولا نوراً أراه مظرزاً النجوم

سما الروح تثاقلتْ فيها غيومي فيا لها
مخلّصاً ، متكيّلا ..
ينْائي بِحملها حتي تُزاح فيها الهموم

الحِمل في تباشيرها حلقاتٌ حري كأنها معصرةٌ تمامها
متممٌ اركانها .. نكوصا يشوب خلجان اوديتها
ثم البحر في انفتاحه عليها تراه متحوّطا بأرجائه كالطوق الزلوم

أرقطتُ الفؤاد العليل بشوقه كطالب الهمة بلهفةٍ فاترة ..
فأنبرشت مكاني متخاذلا لا قوة تتآخذني فتقاذفتني الحياه ككوة محشوةً بالفراغ ..


فجاء الرد ..
ملأتَ الكوب فطفِح من غير ساكبٍ ويا ليت المسكوب للظمأ ينفع ..
امسكتَه بنواجذكَ متحاملاً فدلِفتَه في اقتاب مجاريك وما إبتلّت اخاديك وما عاد السكب لوقتٍ حينها يدفع ..
إن سكبت ماء الحياة في ظلك بتبذر ..
فما لظمأك وقت الحرُور من ماء للعطش يقشع ..
أركان الرشد تتهادي للروح فينا بتلاقف هادي ..
فمـا أيـقنا فــــيه لا ركــــن الراء ولا دال التـهادي المدقع ..
انتهي ..

محمود الراعي
كتب بتاريخ 29/8/2010م

السبت، 28 أغسطس 2010

روح وجسد ( شذرات )


(1)
من المؤلم أن تستيقظ يوماً ما ..
وتراك قد فقدت الأمان لنفسك..
تتخبط في خلجان الحياة ..
تبحث عنه يمنة ويسري ..
لكن دون جدوى ..

(2)
كلنا ننتظر لحظة قد نشرأبها في سوانح ذواتنا..
نجهل ما كنهها او سرها..
ولكنا نشعر بتأثيرها علينا من بعيد..
وحين التثبت منها بعد طول سراح ..
نقلب الاكف حسري ليت التشرب حينها ينفع ..

(3)
فلربما يسترقنا البعد حينا من الزمان ..
يتجاذبنا بالايام او بتجمعها في سنين الشدة ..
لكن القلوب في قربها حينا لا تعدوا الا كبعد الظفر عن الاصبع ..
فالاحداث في توخيها قد تصن الآذان ولا تخر المضجع ..

(4)
خطي به الممشي وما كل خاطٍّ حظي بقيثار النور ..
تسمع له صوت من بعيد ..
فلاح الناظر في شخوصه بتعجب سائب ..
حينها يكون القول : تكلم حتي اراك ..

محمود..
18/8/2010

الأربعاء، 25 أغسطس 2010

حمامةٌ طائرة



تتر الاحداث تتلو ما صاحت فيه الروح لِرَوَاحِها ثم تغنت الروح علي الإيقاع رقصاً بتحسرٍ ليس كفارحٍ يغشاه البِشر بتفاؤله، بل لان الطير يرقص في ذبحه كمطروبٍ ، إن البعد اشد لوعاً من القتل .

راحت الاشواق في دثائرها ، وتنقّلت حشرجة الاحزان بقلوبٍ ربما خابت مسرايها ، فالبعد كتب وما فيه الا حقيقيةٌ تتجاذبها الاحاسيس بنار الفراق .
راحت في السماء كحمامةٌ ، بل هي الحمامة بعينها ، تغدوا فتظل بين الغيوم سوّاحةً ، تحمل في اجنحتها مرسالا ، خطّته احاسيسٌ و أشواق .
ففيه ..
أنينٌ .. هو ما إختطفته الفجأة دون سابقٍ او إصرار ، عدّت اللحظات في سيره كأنها ليلةٌ قحلاء لا تري فيها بصيص نورٍ او مشكاة مشاعلٍ في هدي النفير .
تجاذبته في الكلام قبل خروجه فلعل الحديث طريقا يسلكه من صمته القاتل .. فأبَي .

استبقا الباب وتحولقت بذرعيها حول نحره فسار الرفض به مرسوما في اقتراب الحواجب من دنوها ، اسرعت الخُطي في احتواء الموقف ، وبانت النظرات في شُحها في خجلٍ مطقع ، فالحال ليس به المرد الا في موقف ليس هو الاخر .

تمنت به المكوث ولو للحظاتٍ يتيمة ، تتشرب منه ريحاً في العيون ، وتمتلأ فيه النفوس شوقا بلا مجون ، فمرده في كتاب خطه قلم في لوحٍ محفوظ .

دارت الاحداث برحاها ، والكل يسأل في مفقوده ، لحظاتٌ وجاء الخبر .
تناقلت الافاق زغروةً ، تناقلتنها نسمات البعد الحزن ، شهيدٌ وغدي في ما تمني شهيد .
لبست الحمامة اجنحتها وطارت في آهاتها تغني :

زفوا الشهيد وخالو زافة علي السنه .. زفوا الشهيد للبيت الثاني في الجنة
وما انتهي المرسال بعد ...
انتهي ..
6/8/2010

كلماتٌ لمن نحبهم بصمت..




أحيانآ .. لا نقوى بالصريح محابهةً لهم
وتقف الكلمات تعانق الحناجر

كأنه طوقٌ من الصمت لُفُّ حول الاعناق اجبرنا فيه علي السكوت
وأحيانآ .. لا نقوى على التعبير عما يجول في ثنايانا

لا نقوى على القول بأنَّا نحبهم
فينسكب الدمع في اروحنا بتجشأٍ
ومابين الصمت والدموع.. ذرفرات ...

تتهاداها الارواح كثيراً بما تحتويه مشاعرنا من حبٍ , لمن نحب
ثم يتمادي الوداع مكروهاً في ظله الثقيل

فلطالما توترت القلوب عندما سماعه
فشكل هاجساً هددنا الزمان بالفراق من جديد

ولكنا حاولنا مرارا وتكرارا ان نجعله لا يؤثر بنا وظننا بأننا قد نجحنا
ولكن.. للأسف فشلنا

فالوداع مشاعر تتحكم في القلب فتجعله يخضع لها مرغما بحزنه
ثم يبقي الاثر..
(أحببناهم ولكن بصمت)

انتهي
محمود
6/8/2010

الخميس، 19 أغسطس 2010

الحل المنقذ


أبي الأنفتاق بيديه تمتد هنا وهناك بتذللٍ في حاجة ملحّة ، إيباء النفوس تحولق في نحر مأربه، امسكه، قلبه، فتراه قد تجمل به كعقد توان ، أسرح الفؤاد به من جديد ، تكرر الحال به في طرائق طوالٍ عدة ، أتراه ينظر التهادي به بكنوزٍ من السماء ، ام يرقب الارض تفجر ينابع الذهب بإغتناء ، أنتظارٌ يتلوه أكتواء ، والملل تدلي حينها كعنكبوتٍ سارع نحو الوقت يفترسه بنهمٍ شديد ، تناظرت الايام بأديمها وناظرت فيه الركود بلا انطفاء، فالحال لا بد له من حلٍّ منقذ.

تقلب به الفكر في سراحه ، تحسس الجيب فأقحفه الفراغ في رجعةٍ كئيبة ، إقتمصت الشفاه التحسر علي وقتٍ يذبح بمشارط الفتور الذليل .
ساقته الاقدام الي طريقٍ مجهول ، مطأطأ الرأس في ممشاه ، خائر البشر في محياه ، يتمتم في كلماته غير المسموعة ، غاصت الافكار به من جديد، ايحمل كاويتش السجائر ويخوض فيه ازقة المخيم ام تراه بالتسكع بقليل الاشياء بيعا علي شاطئ البحر له بنافع ؟

تابع الخطي حتي اهتدي به الممشي لمدخل الميناء ، تفحص البحر وما به من سفن، وكأنها بتحسسها لأمواجه تحكي في كل صعودٍ ونزولٍ لها حكاية من حكايا ذاك البحر الكبير ..
اعتلي الصخر فأحدودب به الشوق للجلوس والتناجي في خضمّه ، موج يليه الموج، فكم فنيت في عبابه سفنٌ وكم أرتقت في خضمه نفوس ، هو صديقٌ لمن تتبع قانونه ،ويتيم نفسه من ساقه التهور الي إنتهاش مراسيه ، فالقوي هو من تمالكته العواصف الهوجاء فنال من ارجائها نصيب وتفاني في اسمالها دروبا ثم تراه علي شاطئ الذكري تراه يسير.

أيا بحــر ــتناقلت فيــك احداث الخــوالي وتمتمت في اعماقك اسرارٌ وعبر
كم تناجت في هديرك اصناف المأسي وتمايلت في خلجاتك خضوبٌ ودسر

استراق التفكير به كل مأخذ ونال الجهد فيه كموقد واقد ، نظر عن يمينه فرأي طفلا يلقي بسنارته مندفعا بإبتسامة مرسومة كبزغ لنور فريد ، يتورع الصبر الجميل، فتارةً يسترق المنول في رشاقة خفيفة ، وتارة تتهرب منه السائبة في حركة سريعة ، تأمله حتي اشرأبت الافكار في وجدانه وتحسس الطريق بين الصخور وتبددت فيه غمائم الوجوم وإهتدي لحل منقذ.
انتهي..

الاثنين، 9 أغسطس 2010

(مجرد رأي) "كما تكونوا يولَّ عليكم"

صورة ايحائة عن حال الامة اليوم
إنبرت اسنانه كحفِ الرصاص ، بائنةٌ في الشمس هي ان بزغت ، تتكشف حيناً وتتلحف بالشفاه أحيانٍ اخري ، كالضبِّ حذرا ، حذرٌ إن حدثته ، مستعدا للصرع ان إقتربت من حماه ونزله ، لا يلؤى بك توفيراً لأضراسه العمياء ، ملوحاً لك الوعيد في سره وجهره ، متمسكناً بالضعف في خبثه، للأنام ينأني بنفسه خبراً مما لطحته يداه ، حتي وإن سار الكذب له كارهٌ به الفراق .
وإن تقوي عليك فالقول به حينها : لم تحدثني وانا حارس القطيع ، لي اضراسٌ تفتك العظم في قوةٍ كضراب الصقيع ، خروجٌ عن الرأي ، فليقرأ من نال الخروج في حمانا بدنياه السلام ، نزفت به الدينا ، عجبا لأمره !! سلام لدنيا من خرج ، وترهيبٌ لروح من ولج ، تتحامي في ظله الصدور المتنفعة ، وتتلقي الارقاب الخارجة عن شوره بشخط الحناجر والصدور ، قويناه فإنقلب ضدنا ، أخذته العزة بإثمه في ذكرنا، ثم تراه في الحياة ينبري به النفوق برونق آخر ، ليس تحّسناً منا ولا محاسنة بمجابهتنا له ، ولكن النُّفوق بأضراسه عجّلت مما هو فيه ، ثم ركنا بالغير للتغيير عساه بنا مخلصاً امين ، ولكن يا للحسري .. فقول احمد كقول خالد وقول بسمة كقول سمية .. فلنثُر !!.
عدت الايام وما بقيت فيه اضراس ولا قواطع ، فلرب هائمةٌ تهوم به ادراج الرياح ، فيسقط مرغما مرهون ، ولكنا صرنا به في الحياة كالمجزوع الشاخي ، أرتاح في جزعنا وتنفس صعداء البقاء فوق قلوبنا ، ولما ترائينا نتوق للتغيير تكاسلنا ، فضعفت همةٌ وزلّت فينا الكلمة ، فالتفرق من خصالها الدنيا والكره بها سمةٌ عليا .
ضعفٌ وهوانٌ تأبي الفرائس في الغاب علي العيش في وكناتها علي الذبح بين افكاك الضواري الشداد ، و التسليم هنا شئ وما نحن فيه شئ اخر ، فشريعة الغاب ربما تتشابه في احداث وتختلف في احداث اخري ، وهي الاعّم ، فما ايسر القول وما أندر الفعل .
حالنا كحال المغشي عليه من الموت تمثيلا فوقع وظن بالمارين في جنبه له اسعاف ، فهم في مثله الا القول (( إلعب غيرها، مثّلناها قبلك)) .
أكترثنا للفحول من جنسنا ، وما ابصرنا في الغير انا النعومة ربما تتأصل فتضفي بسحرها فتجرّ الناس من ارداء اقتابها ولا ضير في ذلك في حدود معقولة.
ولكن الضير في تجاذبنا للحياة من اباخس ابوابها فتملكتنا الرويبضة وبراثينها ، وما اضحينا في طريق الخلاص نسير .


محمود الراعي
2/8/2010

الخميس، 5 أغسطس 2010

سمّها ما شئت (قصة قصيرة)


متربعٌ هو في صدر المبيت كالشمس تدور حولها الافلاك ، تحوّر الضجيج من حوله الي صمتٍ مطبقٍ فالكلام حينها لقصةٍ جديدة ، جلست سمية وهي تركن رأسها بكلتا يديها المتوكأتين فوق فخذيها ، جلست تنظر بشغفٍ ما تقتنصه عيونها من تعابير الجدِّ الكليم ، أرخت السمع وتباطأت في إلحاحها عن سؤالها، فذاك فارسٌ لا تضره وحوش الأيام ، وتلك حسناءٌ ساقت بعفتها اسراب الأخلاق فصارت عِبرةً لذوات الإلتزام ، اثقلت العيون بالجفون الساهرة ، وما انتصر سلطان النوم علي جيش اليقظة بعد .

نادت الام في أثيرها الساري ككل ليلةٍ فأنبلجت الوجوه الصغيرة متقمصةً بحزنٍ جديد ، فالقصة لم تكتمل احداثها .
توجهت نحو مخدعِها ولكنها ألقت بجسدها النحيلُ علي الكرسي و دارت تتحسس الاشياء في شوقها الذي ما تحرك فيه الحسّ الا بمحركٍ فريد ، فتلك ممحاةٌ وتلك محبرة قلم ،امسكتهما ثم صارت بهما طريق النزول ببطئٍ علي طاولةٍ كانت تجلس بجانبها فنور الشمع خافتٌ ، فما إنساب لمخدعها الا بقاياه في انعكاسٍ زهيد.

مدت يدها من جديد ، تتباحث في مفقودها ، تحسسته وما طال انتظارها ، عجبٌ.. قلم رصاص رأسه مكسور ، جالت اليد من جديد فلعلها تجد المبراة او ما يفي بالغرض حينها.. فلم تجد ، تناولت المحبرة بشمالها واضحت بيمينها تغمس به فيها وانكبت نحو الكتاب وخطّت بكلماتٍ مستفحلةٌ بحجمها كطلاسمٍ هي قد سرت بغموضها فلعل البعد يقرأ من دونته فيه أناملها فيصبح الاب الغائب فيه قريبا مسنود.

هنية حتي اسطاع النوم التسلل لقلاع اليقظة وسيطر علي ارجائها وإغتال فيها سويعاتٍ مرّت كأنها لحظاتٌ عابرة تحمل في أُشولها ذاك السؤال وذاك المحرك الفريد .
باغتتها ريح عصف قوية ، أتراها زحزحت اركانها الراسية في بحر لا يعرف النضوب؟ ، أم دارت بها في فضاء كنّه الركوع لماضي تليد ؟
ألقت ببصرها نحو العلي وتمسكت فيه بقولها ( لن تترائي بي الاحداث الا ما نسجته لنفسي ، فلرب ضائقة قد ألمت بي تكون في مخبوئتها خير كثير) .

مضي الليل الا اقله ولم يبقي من صفحة هذا الوجود الا اسطرا يوشك ان يمتد اليها لسان الصباح فيأتي عليها فيصح بخير النداء ، حينها تفتحت العيون في إطباقها علي زقزقة جميلة ، جلست تترائي سقف الغرفة وما تخلله من رسوم كفارسٍ وحسناء ، ثم نهضت ولاحت بكلامها للجد في حلِّ الصباح وإستقرت بجنب فسيحٍ واسع .

سألت الجد عن سر الحياة المؤرق للعيون وما تأتأت فيه أطناب الانام كعلقمٍ زؤوم ، فما استرسل في الرد الا بكلمات سُطرت بنبراته العتيقة حيث قال : الانسان جوهر الحياه ورونقها ، وسر السعيد فيها له قواعدٌ مثلي ، فالحياة رضا وصبر ، و قناعة وتفاؤل، وتسامح وتعاطف .
دارت الكلمات في فكرها فنظرتها كنجوم تتلألأ في ليلٍ زاد احللاكه ، ولكن الفجر فيه بشري بيوم جديد.
فالدافع لم يكن سبيلا لها الا لكون الفكر قد تربع في ارجاء تفكيرها فأضحت تنظر للحياه من زاويةً أخري ، زاويةٌ فيها اشراق ، زاويةٌ تتباحث فيها وتتجاذب بها الفرص، ثم حتما سنظرها في السنين كيف الغدو بها ... فلنترقب .
انتهي ..
محمود

الاثنين، 2 أغسطس 2010

رُعَيِّد فريد



أري الكلمات في آبارها ندرت، وإستساغت جفاف الحروف في مكامنها ولاحت ، جلست مطرق الرأس حائرا ، رفعت بصري ، تابعت نور الشمس المتأتي من ثقوب النافذة ثم سرحت وصرت تائها حيران ، طفت بأودية الصمت مشرّقا ومغرّبا فهالني إندفاع صوت رعيّدٍ فريد .
تلفتّ علي إثر الصوت ولكن اذناي صنّت علي اثره فلم اتوخي الناحية فعدت خائب الظن بحزنٍ جديد.
سرت مطرقا باب فكري ، طرقته بخفةٍ فلم يأتيني الخبر، تابعت الطرق وتابعت بقوةٍ اكبر ، فلم ينبلج الباب بما كنت به تواق .
عدّت خائب الاوصال ، الحزن أراه قد لفني بتلابيبه ، والاسي ضمني بأسمال مراثيه ، فلماذا تنضب بي يا فكر الكلمات ؟
تابعت صدي ذات الصوت من جديد ، اخذته في مصفاة سري ، سرت به متوخياً ابواب الذكري،
تراه ماذا يكون ، تناقلته في ترحال صمتي ، ولكني ما كنزت به الا حيرة في القلب كنار تبيد.

فجأة .. إجتاحتني اصوات عدة ، انصت لها ، الرعيّد ؟ ، حينها كانت المفاجئة ...
سمعت امي تحدث أخي قائلة : ترسل في الكلام وقل فيه ما قل ودل، فدلائل الكلام الخيّر هو ما انساقت فيه فطرة الانسان الي غيابه المعقول ، فقول الشر في قلب القائل فيه مغصة لا يراها البتة حاضرا ولكنه ينبذها في سره فتترك فيه أثرا الي مآخذ المجهول ، فالقلوب كصفحة بيضاء كلما تناولنا القول الخير وتوخيناه في سرنا قبل فعالنا ، فسنري صفحاتنا كالاقمار ليلة البدر، وإن كان التوخي بالاخري فالقلوب حينها كالكوز المجخي .
خرجت من قوقعة الشرود وتمسكت بكلماتها ثم ابلجت في كتابي وطحت بما هالني فالقول حقا ما قل ودل .
ربما تطول الحروف في بذخها ، فتقصر الكلمات في تلقيها ، فتظل الجمل بلا معني ولا نورا هادي للقلوب به تنور ، وحتما في تشابه الاحداث تري العكوس في ظلالها علي الدوام تسير .

دمتمــــــــــــــــ،
محمود
30/7/2010

الأحد، 1 أغسطس 2010

التبيان ..




متهالك القوي ، متسمّر الأقدام ، منتفخر الجروح ، ملتهبةٌ كأنها قطع شفقٍ تدلل علي المٍ في البدن يسود ، لو نظرته لرأيت الصحة انسلخت منه انسلاخ الجاعد من جسد الماعز المذبوح.
تحت ظل الشجرة انبلج برقوده ، تلاحقت أنفاسه بالحسري ، وإندثر الزئير في قحاف الذكري ، وصار به القول: يا ليتني ..
حاشاه الضبع بجيفة ميتة وقال متهكماً : سيدي.. هذا طعامك ..تقبله مني سردا مريدا ، وإستدار في خبثه وإنفتأ بين الحشائش في بغضه المعهود.
منذ متي والاسد يأكل الجيف ، وإلي متي الحال به منحرف ، خطط اللعين لتك الحادثة وفاز فيها وما نال الاسد الا آلام وأحزان.
ما كان له خوض معركة كتلك ، وما كان له اتباع نصيحة من ذاك ، فهو طنيب الشر ، مرساة البغض بدهاءٍ لا يوصف ، ودثير الخير في اسمال الصمت بزيعٍ لا يعترف ، اتبع الاسد ما القاه الضبع في أسماعه ، وإستاغ حلاوة القول من أرباع اضلاعه ، فظنه صديق صادق ، راد الخير له بقلب فاتق ، ولكن .. هيات له التمني الخاسر ، سويعات حتي حدث المحظور ووقع الضرر ، فالغلبة فيها لكثر الجمع في احيانٍ عدة .
ففي نهارٍ غائما تتقطّر السماء بمائها وتتشرب الارض زلالا يسيل من بين أوديتها ، صاح الضبع في الاسد قائلا : سيدي تعدّت الذئاب حدودك المرسومة، وساروا بخفة في أرجاء هيبتك المقدورة ، فاستباحوا مياه الوادي وفتكوا برعايا المماشي ، ثم ما برحوا في طريقهم الا اليك قد ساروا بهمة ، ثم صاحوا بعد ذلك : اين ذاك الاسد اللعين؟ .
إستل الغضب السيف في قلبه ، وإحمرت عيناه بنار الحقد في سره ، ثم ذاد الضبع نفخ الكير في روحه حتي نضجت ثورته لذوي الاعداء.
صاح الجمل بين الجموع الناصحة قائلا : سيدي ما رأيناك الا ملك حكيم ، تأخذ الرأي بقلب سليم ، ثم تسلك طريق التروي عساه بك اب رحيم ، سيدي تفحص الخبر فلا يكونن التسرع بك نحو المهالك قائد لك في الزمان مهين .
نظر الضبع للجمل في حقدٍ وقال مخاطبا الاسد : سيدي .. البلاد دنست بغازيها ، والمروج صاحت بتلاقيها ثم ترانا في الايام نتخذ التروي سبيل لنا في الزمان المسكين ؟ بئس الحياة إذا .
ذادت نزعة الشر في قلبه الغاضب ، وإنطلق ومن خلفه سار الضبع وحدث نفسه: وقعت في شباكي يا معلون..
سار الاسد ناحية الحدود فلم يري ذئابا ولا كلابا ، فإلتفت للضبع وسار السؤال بلغة العيون، فقال الضبع : في اطراف الحدود هم هناك وهناك التلاقي .

انطلق الاسد من جديد ، رأي قطيع الذئاب في هدوئهم الساكن، فتفاجئوا به يفتك بهم واحدا تلو الاخر ، صاح كبيرهم : ماذا دهاك يا اسد ؟ ، فلم ينبث بحرف وتابع القتال ، فتجمعت عليه الذئاب ونالت منه كل نائلةٍ فخرّ الاسد صريعا مردود .
وهو ملقي في غيابه الآلام صاح الكبير للاسد محدثا : قد هاجمتنا وما سبيلنا تجاهك الا ما بذرته لنفسك .
سألناك ما الخطب فلم ترد
فحالنا حال المدافع عن نفسه وشرفه
فما ضمِرنا لك الا كل حبٍ معهود
ما الخطب يا اسد ؟
زادت مرارة الالام في عيناه وإلتفت فلم يري الضبع لجانبه وقال ليتني سمعت الجمل وما نصحني به.
ثم نهض وسار نحو الحدود وتخطاها ثم الي عرينه واستراح ولكن الجراح ادمته وما لبث الا شهورا ثم فارق الاسد الحياة .

انتهي ..
محمود
29/7/2010